مع الاتفاق الأميركي الصيني والالتزامات الأوروبية بحلول عام 2030 وأول تمويل ل «الصندوق الأخضر»، باتت مكافحة الاحتباس الحراري تتمتع بدفع جديد سينشط المفاوضات التي تقام من اليوم إلى 12 الجاري في ليما للتوصل إلى اتفاق العام المقبل. وتجتمع وفود 195 دولة من أعضاء اتفاق الأممالمتحدة في شأن التغير المناخي، والتي تلتقي مرة في السنة، في عاصمة البيرو حيث يُتوقع أن تبرز الخطوط العريضة لميثاق عالمي من شأنه حصر الاحتباس الحراري بدرجتين مئويتين فقط. وقد ارتفع متوسط حرارة الأرض حتى الآن 0.8 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية. ونشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقويماً شاملاً للمسائل المناخية، التي تتضمن حجمه وتأثيره وسيناريوات لتخفيف الوطأة والتكيف، أبرز مسار خطر يسير كوكب الأرض في اتجاهه. الكلفة الاقتصادية وأكد التقرير أن الكلفة الاقتصادية لمواجهة الاحتباس الحراري مازالت معقولة، لكن كلما تأخر التحرك كلما ارتفعت الكلفة، علماً بأن حصر الاحتباس بدرجتين مئويتين يعني التخلي بشكل كبير عن مصادر الطاقة العضوية لاعتماد مصادر طاقة أقل تلويثاً. وتفيد «وكالة الطاقة الدولية» بضرورة التخلي عن استخراج ثلثي مخزون الطاقة العضوية. ويدفع الحجم الكبير لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة،إلى ارتفاع لحرارة الأرض يقدر بما بين 3.6 و4.8 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي. ويُتوقع أن يترافق ذلك الاحتمال مع ظواهر مناخية قصوى متكررة واندثار كثير من الأنواع وخطر على الأمن الغذائي والحصول على مياه الشرب في مناطق عدة من العالم. وتقول مسؤولة المناخ في «الصندوق العالمي للطبيعة»، سامنتا سميث: «نعرف نتيجة عدم التحرك وبات من غير الممكن القول إن من الصعب التحرك سياسياً». إلا أن الدمج بين التنمية الاقتصادية وخفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة يتطلب تغييراً في النموذج المعتمد ويطرح تالياً تحدياً كبيراً. وترى المفاوضة الفرنسية لورنس توبيانا، أن «المناخ عاد ليتصدر الأجندة السياسية» في إشارة إلى قمة الأممالمتحدة في أيلول (سبتمبر) وقمة مجموعة العشرين الأخيرة. وتضيف «بعد الأنباء السارة في الفترة الأخيرة هناك شعور بإمكان تحقيق نتائج،» مُذكرة بأن «الحكومات، لا سيما في الدول النامية، كانت تقول إن الوقت مبكر»، في كوبنهاغن عام 2009، وتتابع «الأمر لم يعد كذلك». وكانت قمة كوبنهاغن تطمح إلى التوصل إلى اتفاق متعدد الطرف إلا أنها فشلت في ذلك بسبب غياب التوافق، لذا تُعتمد طريقة أخرى لهذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي أُطلقت في دوربان في 2010 وتواصلت بعد ذلك في كانكون والدوحة ووارسو والآن في ليما. ويجب بحلول منتصف العام المقبل أن تكشف الدول عن خططها في إطار خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة وطريقة تحقيقها. وسيسمح جمع «كل هذه المساهمات الوطنية» بتقويم المجهود العالمي، وإدراك حجم الجهود التي يجب بذلها لحصر الاحتباس بدرجتين مئويتين. وقبل سنة من قمة باريس حيث يُفترض إنجاز الاتفاق لبدء تنفيذه عام 2020، على اجتماع ليما وضع الخطوط العريضة لها، وما هو الحيز المحدد لتكيف الدول الأكثر عرضة للاحتباس، وما هو التمويل اللازم. أجواء شك ويوضح عضو منظمة «كريستشان آيد»، محمد أدوو « ثمة خطر ألا تقرر بعض الدول المتطورة إدراج التمويل في مساهمتها الوطنية، هذا الأمر يقلق الدول النامية». وفي ظل أجواء الشك هذه في شأن المال الذي سيُخصص قبل 2020 وبعده، أعطى الحديث عن تمويل «الصندوق الأخضر» أخيراً نفحة أمل مع وعود قدرها عشرة بلايين دولار للفترة الممتدة بين عامي 2015 و2018. وستكون هذه الآلية إحدى وسائل التمويل، «إلا أنها لن تكون الوحيدة للوصول إلى مبلغ المئة بليون السنوية الموعودة حتى 2020» وفق ما يؤكد رومان بينيكيو من «أوكسفام إنترناشونال». وتستضيف ليما بالتزامن «قمة الشعوب»، حيث سيسمع المجتمع المدني صوته في شأن المناخ. ومن المقرر تنظيم مسيرة ضخمة في العاصمة ومناطق أخرى في العالم في العاشر من هذا الشهر.