دائماً كان يشغله... ماذا لو لم أكن أشجع الهلال؟ وأية حياة كنت سأعيشها؟ وأي تفاصيل كانت ستسكن ذاكرتي؟ وأية هوية كنت سأعرف بها؟ من أيام جده لأبيه مروراً به حتى ابنه، والهلال علامة فارقة في حياتهم تضيء بالفرح كل حين، ولا تجد سماؤهم ظلاماً معه أبداً! كان يعجب لحال محبي الهلال وما يفعله بهم، كان أخواله يدرسون في كلية الشريعة وحياتهم بين الروض المربع وزاد المستقنع، وما أن تأتي مباراة الهلال، حتى يكون الهلال هو المنهج، وتكون الصيحات والصرخات هي الشرح والهامش للمتن الحقيقي للحياة.. كان يرى إمام المسجد وكيف يتحدث وينصح ويضيء الدرب لطلابه ومن يستمع إليه، وما أن يخرج من درسه وينفرد به الهلال حتى يصبح لاعباً ولا أجمل، يرسم الخطط ويعرف كيف يقرأ اللعبة جيداً! من خلال تأملاته في من حوله، يجد ألا أحد يخجل من كونه هلالياً، بل ويفاخر بذلك أياً كانت مكانته ومركزه، حتى إنه لا يمنع نفسه من الذهاب إلى الملعب لرؤيته متى سمحت له الظروف! هو الهلال يأتيك فيمنحك العلياء، يجعلك تبصر في السماء باحثاً عن نجمة، فيبتسم لك بدر ويفرح بك هلال، فتمطر الأرض معكما ذهباً وسحراً! بلغ الأربعين من عمره... وللهلال معه أربعون حكاية فرح تتلوها أربعون من قبل ومن بعد.. متى ما ضاقت عليه الأرجاء هرب إلى هلاله واستمتع به إنجازاً وإعجازاً! `لا شيء يتعبه مثل من يتطاول على هلاله سراً وجهراً... يخاف عليه أن تستعجله العقوبة وأن يتخطفه القدر.. لأن التاريخ والتاريخ لا يكذب، إذ أخبرنا أن من يظلم الهلال سينال عقابه ولو بعد حين...! الهلال ليس بدعاً من الناس ولا يمكن لعاقل أن يعتقد أنه سينال كل شيء ولا يدع للآخرين شيئاً... بالعكس فالتاريخ يشهد ألا أحد صنع فرحاً للآخرين مثل الهلال، بل إن حجم فرحه تعدى فرح أنديتهم كلها! لكن.. النادي الذي جعل هدفه إسقاط الهلال سقط بسرعة... والآخر الذي اختار أن ينهج نهج الهلال وصل ونافس وفاز بسرعة! هو الهلال متفرد بالمسافات والسرعة... والزمن الذي يعجل بك هو نيتك معه وبياضك تجاهه! منذ أن أنشأ الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رحمه الله النادي وهو يشعر أن هذا النادي جاء ليؤسس تاريخاً ويصنع حضارة... وبعد ألف عام سيذكر التاريخ أن الهلال كان حضارة ما زالت ولن تزول، وأن ما من منتم إليها إلا وخرج منها بنجاحات لا تعرف حداً.. يكفي أن تقول إنك هلالي لتنال الرضا وتحقق التوازن وتهتم بنفسك ولا تنشغل بغيرك، وتحترم ما أنت عليه فتبدع أكثر في أمرك كله! سر نجاح الهلال أنه يطور نفسه بنفسه ولا ينشغل بعبث العابثين حوله، لأنه مؤمن بأنهم يمكرون ولكن الله يحدث بعد ذلك الخير للهلال وأهله...! عندما تسلم عبدالله بن سعد رئاسة الهلال، كانت دعوة صادقة من الهلال إلى منح الشباب الفرصة لوضع بصمته، وكان عبدالله بن سعد وما يزال في ذاكرتنا، ونترحم عليه كل حين ومع كل إنجاز نهديه إليه، قبل أن نقول إننا ما نزال على العهد والوعد وسنظل! الهلال يخوض النهائي غداً، وهو يرى فيه نهائياً مختلفاً، يرى فيه حرباً لا يعرف سببها، وتجمعات ليست على قلب رجل واحد، ولكنها صناعة فكر واحد! الهلال غداً بإذن الله... سيقول للكل.. لا تتحدى الهلال بسلاح رخيص.. كن شجاعاً وتقدم.. وثق بأنك إن فزت فسيفرح لك الهلال أكثر، لأنك نلت شيئاً ليس من السهل الحصول عليه! الهلال غداً سينتصر... لابن سعيد ولعبدالله بن سعد ولكل من عمل بضمير، لأجل أن اليد العليا خير من تلك الدنيا التي لا تصافح بسلام ومحبة! الهلال غداً لن يسمح بتطاول لا يليق.. ولن يرضى بمنافسة غير شريفة.. سيلعب كما هو لأن الرياضة متعة وليس لأن فساداً أو إفساداً أو غصباً واغتصاباً...! الهلال غداً سيقول عفواً.. هذه الكأس وهذه البطولة لن أتنازل عنها طوعاً ولا كرهاً، فقط ليثبت أن رياضتنا ما زالت تحتفظ بشيء من عدلها! الهلال غداً، وعلى رغم أنه مشبع بالبطولات، سيثب في هذه البطولة الفيصل بين الحق وال«لا حق»، والهلال حق الحق..! [email protected] K_batli@