للهلال حياة مختلفة معه، من خلالها عرف حيوات أكثر! مع الهلال ازدانت! كان يخاف إن قصّر أن يُعاقب الهلال بسببه، كانت المباريات تُقام عصراً، والمسجد لم يبدأ الصلاة بعد، فكان يحرص أن يذهب باكراً، ويذهب كلُّ من في البيت معه، كان يشعر أن الهلال بطاعته سيفوز. مرة ترك الهلال وهو يلعب مع الاتحاد عصراً، وعاد فوجد صالح النعيمة سجل هدفاً من «فاول» جميل، وعرف أنه لولا صلاتُه ما كان ليسجل هذا الهدف! لن ينسى أنه تسبّب بهزيمة الهلال في كأس الملك أمام الاتفاق، إذ حضرت صلاة المغرب، والفريقان وصلا إلى ضربات الجزاء، فانتقل التلفزيون إلى الصلاة، وذهب إلى الراديو ليكمل الضربات، فضيّع عبادي الهذلول تلك الضربة، فخسر الهلال الكأس، فكان هو السبب! من حبه للهلال، كان يعتقد أن أيّ فعل له ردة فعل ستكون في صالح الهلال دائماً، وكان من حوله يستغلون تلك الفكرة، فإن خالفهم في شيء، قالوا: سندعوا على الهلال، فيعود عن مخالفتهم بسرعة! كانت له طقوسه الخاصة قبل المباراة، تبدأ من طلب دعوات جدته التي يشعر أنها الأطهر، ولن يرد لها دعاء، لن ينسى عندما طلب منها أن تدعو للهلال بالفوز، وأن يسجل ريفلينو الهدف، جاهدها حتى تنطق اسمه، وأحرز ريفالينو هدف المدرعات في النصر، وفاز حينها الهلال! كان يؤمن أنه اللاعب المؤثر في الهلال، ويعلم أن ما يحدث هو تفاعل مع ما يفعل! سمع قبل المباراة إشاعة، هي أن أحد مهاجمي الهلال كانت له قصة مع الهيئة أمس، وتمنى ألا يلعب المباراة، وعندما حصل الهلال على ضربة جزاء، ورأى اللاعب يتقدم لينفذ الضربة.. «صرخ»! وعلم حينها، أنه سيضيّعها قبل أن ينفّذها، وكان يعرف السبب، وأضاعها اللاعب فعلاً! قبل مباراة الهلال الشهيرة مع النصر (3 - صفر) تصدّق على أيتام، وطلب منهم الدعاء للهلال، فرحوا به، وفرح بدعواتهم، وشاهد المباراة وهو موقن بالفوز. قبل مباراة الشباب الشهيرة ذهب إلى الملعب، ومعه دعوة خالصة من أمه، تخبره أن الهلال سيفوز، كان الوقت ينفذ، ولكن وعداً ساراً من أمه، منحه اليقين الأزرق، ولم يتأخر الوعد، وجاء سامي من بعيد، ليقول والله صدقت أمك، سنفوز على رغم كل شيء! في البطولة العربية وأمام الترجي، ذهب إلى المباراة قبل بدئها بخمس ساعات، كانت معه 300 ريال، تصدّق بها على كل من يراه مستحقاً، كان يؤمن أن الصدقة تطفئ نار الغضب، وتفتح أبواب الرزق. وكان يقول للجماهير «خلّونا» نصلي لأجل أن يرضى الله علينا، ويفوز الهلال. ولن ينسى عندما سجل الثنيان الهدف، وجاء إليه فرحاً، وكأنه هو من يبحث عنه، ليقول بك فزنا! كان يغضب عندما يسمع عن تجاوزات اللاعبين، أو يرى أخطاءهم خارج الملعب، كان بودّه، لو يقول لهم: الهلال طُهرٌ وبياض، فلِمَ تفعلون به هكذا؟! كان يؤمن بالمستوى والخطط، ولكن يعتقد أن المكوّن القيمي هو خير حافظ ورحمة للهلال! في مباراة نهائية للهلال مع الاتحاد، لم يستطع متابعتها بسبب مناسبة مع والده، ترك كل شيء بِراً بأبيه، وهو على يقين أن الهلال سيفوز، وقد فاز! كان مع شباب الصحوة في مكتبات حي السويدي يحفظ القرآن في الحلقات، ويحضر الدروس في المسجد، ويشارك في الرحلات، ويغيظه أنهم يتعمدون إقامة الفعاليات في أوقات مباريات الهلال، وكأنهم يضعون اختبارات قياس له، فيترك الهلال، وقد استودعه الله، ويحضر الفعاليات، لأنهم قوم لا يشقى بهم جليسهم، ما إن يغادرهم حتى يستقبله انتصار الهلال وفوزه! هو مع الهلال يعيش الحياة بكل تفاصيلها، تفوّق في دراسته، لأنه من العيب أن تكون هلالياً ولا تتفوق. لقد تخصّص في الرياضيات، لكي يعرف كيف يرسم إحداثيات الفوز، ويحل معادلات البطولات، ويحلل، ويركب، ويصنع النظريات الزرقاء في الرياضة. عندما التحق بالتعليم حرص على أن يربط العلم بالهلال، ليسهل فهمه، ويبدع طلابه أكثر، ولاحت له فرصة العمل في الإعلام، فكان من الواجب أن يكون الحارس والسور للكيان الهلالي. رأى في الهلال مشروع هداية، فنصح من يشتم الهلال، وينتقده بلطف، خوفاً عليهم من العقوبة المستعجلة. يقول لهم: ليس مهماً أن تحبوا الهلال، ولكن لا تكرهوه، وتناصبوه العداء، لأنكم حينها ستخسرووون! هو يؤمن في حقيقة الأمر كله أن للهلال «رباطاً روحياً»، يخاف على نفسه من الغلو فيه، لكنه يعلم أن الله أعلم بالسرّ وأخفى. [email protected] K_batli@