يترقب الجزائريون زوال الضبابية المحيطة بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 نيسان (أبريل) المقبل، بعد إعلان حزبين كبيرين من المعسكرين الإسلامي والعلماني مقاطعة الاستحقاق. ويحرج هذا الموقف الحكومة ويعزز الضغوط على بوتفليقة للترشح لولاية رابعة، خوفاً من أن تؤدي المقاطعة إلى فقدان أهمية الاستحقاق وإخراجه من مضمونه. وفي انتظار موقف حاسم متوقع من بوتفليقة في النصف الأول من شباط (فبراير) المقبل، شكلت «المقاطعة» مادة خلاف جديدة بين الحكومة والمعارضة بسبب التضييق على الأحزاب التي تريد إطلاق حملات تدعو الناخبين إلى عدم المشاركة في الرئاسيات. وسعت الحكومة إلى تقييد قدرة الأحزاب في التحريض على المقاطعة. وقال وزير الداخلية الطيب بلعيز إن مراكز الحملات الرسمية «مخصصة حصراً لنشاطات المرشحين المقبولين من المجلس الدستوري»، ورأى أن من حق الجهات المقاطعة «الدفاع عن وجهة نظرها في أماكن أخرى». وخاطب بلعيز المقرب من بوتفليقة، كل من «حركة مجتمع السلم» التي تمثل تيار «الإخوان» في الجزائر، و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» (العلماني) المقاطعين، قائلاً إن «قضية المقاطعة من عدمها تخص الشؤون الداخلية للأحزاب، وإن كل حزب سيد قراره ويتخذ الموقف الذي يراه مفيداً». لكنه استدرك قائلاً إن «الأماكن التي ستُخصص للحملة الانتخابية المقرر انطلاقها في 23 آذار (مارس) المقبل، ستُكون محصورة بالمرشحين المقبولين من المجلس الدستوري وعدد هذه الأماكن قد يتجاوز 3150 مركزاً» في انحاء البلاد. وقال مدير الشؤون القانونية في وزارة الداخلية محمد طالبي، إن عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية وصل إلى 85 شخصية حصلت على استمارات التوقيعات من وزارة الداخلية. ومهد طالبي لاحتمال تولي أحد المسؤولين نيابةً عن بوتفليقة، الحصول على استمارة ترشحه. وقال: «ليس شرطاً أن يتقدم الشخص بنفسه إلى وزارة الداخلية، فالقانون يسمح بتفويض شخص آخر يحل مكانه بوثيقة رسمية مكتوبة». ويشير ذلك إلى أن بوتفليقة قد لا يحضر شخصياً إلى الوزارة كما تقتضي الأصول، في ظل تكهنات بأن وضعه الصحي لن يسمح له بالظهور خلال الحملات، إذا قرر الترشح تجاوباً مع طلب «جبهة التحرير الوطني»، الحزب الممسك بالغالبية. وأصر الأمين العام للجبهة عمار سعداني على موقفه الذي يؤكد أن الرئيس «سيترشح رسمياً لولاية رابعة». وقال إن الحرص على مصلحة البلاد وسياسة التنمية التي اعتمدت في عهد بوتفليقة «تدفعنا إلى مطالبته بالاستمرار في المسيرة». ورأى سعداني أن مصير البلاد مرتبط بترشح بوتفليقة لولاية رابعة، «لأن المخاطر الإقليمية محدقة بالجزائر وأحداً لا يمكنه مواجهتها إلا الرئيس بفضل حنكته». وشدد على أن «وحدة البلاد من وحدة حزب جبهة التحرير الوطني». وانتقد «المتطاولين على الدولة» من دون ذكر أسمائهم، وهددهم ب «فوز ساحق للرئيس، وذلك في إشارة إلى مرشحين محتملين من داخل الجبهة يسعون إلى منافسة بوتفليقة.