تحول محيط ميدان التحرير في الذكرى الثالثة للثورة المصرية إلى ساحة مواجهات بين قوات الشرطة من جهة وأنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقوى ثورية مُعارضة للحكم الموقت وجماعة «الإخوان المسلمين» من جهة أخرى، فيما خلا قلب الميدان الذي كان مهد الثورة لآلاف من مؤيدي الحكم احتشدوا لمطالبة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي بالترشح في الانتخابات الرئاسية. وسقط 7 قتلى على الأقل في المواجهات بين الشرطة و «الإخوان» وقوى الشباب، ثلاثة منهم في القاهرة واثنان في محافظة المنيا (صعيد مصر) وأثنان في الجيزة. ودفعت حدة المواجهات التيارات الثورية الداعية إلى الاحتجاج في ذكرى الثورة إلى الدعوة إلى الانسحاب من الميادين، خصوصا أن المشهد في القاهرة تكرر في محافظات عدة، إذ احتشد مؤيديون لوزير الدفاع رافعين صوره لمطالبته بخوض انتخابات الرئاسة في حماية قوات الشرطة والجيش التي تصدت لمسيرات معارضي السيسي سواء من جماعة «الإخوان» أو القوى الثورية لمنعها من الوصول إلى الميادين الرئيسة. وتجمع آلاف المتظاهرين لتأييد السيسي في ميدان التحرير وفي أحياء العباسية وحدائق القبة وعين شمس والهرم وفي محيط قصر الاتحادية في حي مصر الجديدة، وفي عواصم المحافظات. وسادت أجواء احتفالية حشود المؤيدين لوزير الدفاع، وتحولت تظاهراتهم إلى مهرجانات دعائية لترشحه لانتخابات الرئاسة، لكن مع اقتراب مسيرات المعارضة من الميادين بدأت الاشتباكات تطغى على المشهد. ونظمت جماعة «الإخوان» مسيرات انطلقت من أمام عشرات المساجد في العاصمة والمحافظات راوحت أعداد المشاركين فيها بالمئات، لتندلع مواجهات بين المتظاهرين وأهالي مناطق عدة في أحياء المعادي وحلوان (جنوبالقاهرة) ومدينة نصر والحلمية والزيتون والألف مسكن شرقاً وفي وسط القاهرة قرب ميدان التحرير، وفي شارع الهرم وأحياء العمرانية وإمبابة والسادس من أكتوبر في الجيزة، وفي مناطق متفرقة في المحافظات خصوصاً الإسكندريةوالمنيا. وتصدى أهالي لتلك المسيرات، بعدما أحرق «الإخوان» إطارات سيارات لغلق طرق رئيسة وحطموا سيارة شرطة في المعادي ومكاتب مرور في مناطق عدة. وتدخلت قوات الشرطة فأطلقت قنابل الغاز على المتظاهرين لتفريقهم وطلقات تحذيرية في الهواء، وسادت معارك وكر وفر بين «الإخوان» والشرطة في الشوارع الجانبية سقط فيها جرحى، واعتقلت الشرطة العشرات. ودعا «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» إلى حصار منطقة وسط القاهرة، وتجمع آلاف في ميدان رمسيس الذي شهد مواجهات عنيفة بين «الإخوان» والشرطة قبل أن تتمكن قوات الأمن من بسط سيطرتها على محيطه وتفريق المتظاهرين بقنابل الغاز، وسط سماع دوي إطلاق نيران. كما فرقت قوات الشرطة مسيرات نظمتها قوى شبابية أهمها «جبهة طريق الثورة» و «حركة شباب 6 أبريل» انطلقت من ميداني مصطفى محمود في حي المهندسين في الجيزة ومن أمام نقابة الصحافيين في وسط القاهرة. وأطلقت الشرطة تحذيرات للمحتشدين في ميدان مصطفى محمود الذين رددوا هتافات ضد الحكم الموقت وجماعة «الإخوان»، بعدها أمطرتهم بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع لتدور معارك كر وفر بين الشباب والشرطة في الشوارع الجانبية، وهو مشهد تكرر في محيط نقابة الصحافيين، لتتحول منطقة وسط القاهرة إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين المتظاهرين والشرطة اقتربت من محيط وزارة الداخلية وسط حالات اختناق جراء إطلاق قنابل الغاز. وفي غالبية المواجهات التي شهدتها شوارع القاهرة، رد المتظاهرون برشق الشرطة بالحجارة وزجاجات حارقة، فيما أكدت وسائل إعلام محلية أن متظاهرين مؤيدين لجماعة «الإخوان» أطلقوا الرصاص على قوات الأمن في مناطق متفرقة منها ميدان رمسيس، فيما حلقت مروحيات عسكرية في مناطق المصادمات لرصدها. ووقعت مناوشات محدودة بين «الإخوان» ومعارضيهم في مناطق متفرقة خلال تلاقي المسيرات. وإزاء تزايد حدة المواجهات اضطرت الحركات الشبابية إلى دعوة أنصارها إلى الانسحاب من الميادين. وناشدت «جبهة طريق الثورة» أعضاءها «الانسحاب الكامل من كل الفعاليات». وقالت في بيان إن «ما شهدته ذكرى الثورة اليوم من عنف مفرط من قبل قوات الشرطة في الميادين كافة ضد كل من يحاول التعبير عن رأيه يعد جريمة كبرى تضاف إلى جرائم السلطة الحالية، وسط تأمينها لأنصارها في ميدان التحرير الذي سالت فيه دماء الشهداء الحرة». وأضافت أن «المعارك مع السلطة الحالية مستمرة ولن تنتهي، ولكن أرواحكم وحريتكم والحفاظ عليها هي الأمل الأهم لبقاء الثورة. انسحبوا وللثورة جولات قادمة». وأعلنت حركة «6 أبريل - الجبهة الديموقراطية» إلغاء جميع فعالياتها. وقالت في بيان: «عند بدء الشباب فى التجمع أمام مسجد مصطفى محمود في المهندسين وأثناء تحرك المسيرة فوجئت بمسيرة الإخوان ورفض الشباب الاشتراك معهم فحدثت مشادات كلامية، وأثناء ذلك قامت قوات الأمن بالاعتداء عليهم بالخرطوش والرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع». وأضافت: «بعد الانسحاب من مصطفى محمود توجهت المسيرة إلى نقابة الصحافيين فتم الاعتداء عليها من قوات الأمن، وتوفي عضو في الحركة بعد إصابته بالرصاص الحي»، حسب البيان. وفرقت قوات الشرطة بالغاز المسيل للدموع مسيرات ل «الإخوان» في الإسكندرية ودمياط والسويس والمنيا وأسيوط وسوهاج والمنصورة. من جهة أخرى، لقي 4 ضباط ومهندس حتفهم بعدما سقطت مروحية عسكرية كانوا يستقلونها أثناء تحليقها في سماء شمال سيناء. ولم يكشف سبب سقوط المروحية.