تميز اليوم الاول من الاستشارات النيابية غير الملزمة التي بدأها الرئيس المكلف، للمرة الثانية، تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري بتبادل «الاصغاء» مع الكتل النيابية التي خصص لكل واحدة منها ساعة كاملة، وبدا من خلال تصريحات من التقاهم انه «منفتح على كل الصيغ والآراء»، ما اضفى اجواء من الارتياح والتفاؤل على ساحة النجمة التي ستمتد حركة الاستشارات فيها حتى الثلثاء المقبل. واستهل الحريري الجولة الاولى من استشاراته النيابية في الحادية عشرة و الدقيقة العاشرة من قبل الظهر في المجلس النيابي بلقاء رئيس المجلس نبيه بري الذي ترأس بعد اللقاء اجتماعاً لكتلة «التنمية والتحرير» النيابية. ثم التقى الرئيس المكلف نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، الذي قال انه تمنى على الحريري «أن يأخذ في الاعتبار أن البلد لا يجوز أن يبقى من دون حكومة. الرئيس الحريري لم يقصر بشيء، ولن يألو جهداً وانفتاحاً، لتشكيل حكومة، ولكن يا للأسف ثمة من لا يريد لهذا البلد أن ينطلق، ولا لمؤسساته أن تعمل بانتظام. في كل مرة يكون البلد أمام استحقاق دستوري، يتكرر السيناريو نفسه». وقال: «الوقت حان لترك المخلصين من أمثال سعد الحريري، يعملون لخير الوطن، ويطلقون ورشة وطنية شاملة للنهوض بالبلد وباقتصاده». وأعرب عن قناعته بأن الرئيس المكلف «منفتح على كل الصيغ و الآراء من اجل تأليف الحكومة في اسرع وقت ممكن». اما عن كيفية تخطي مطالب المعارضة خصوصاً مطالب كتلة «التغيير و الاصلاح»، فرأى ان «هذا الموضوع يحتاج الى الأخذ بآراء المعارضة والرئيس المكلف. واعتقد ان الجميع يعرف دقة الموضوع وأهميته ويجب ان يتعاون الجميع و يتنازلوا لتسهيل عملية التأليف». وعن انعكاس زيارة الرئيس السوري بشار الاسد المملكة العربية السعودية على موضوع الحكومة، اسف مكاري لان «يكون للخارج تأثير على تأليف الحكومة، انما يبقى الموضوع الاساسي والافضل ان يتمكن المسؤولون اللبنانيون من تشكيل الحكومة من دون الاتكال على الخارج». «التنمية والتحرير» والتقى الرئيس المكلف كتلة «التنمية و التحرير» النيابية التي تحدث باسمها أمينها العام النائب انور الخليل قائلاً: «بعد استماع الكتلة الى المواضيع التي يريد الرئيس المكلف ان يستطلع رأي الكتلة فيها، وبعد نقاش في التوجهات السياسية و الاقتصادية و المعيشية وغيرها من المواضيع، أكدت الكتلة تشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة 15-10-5، وتطبيق الطائف تطبيقاً كاملاً تمهيداً للقيام بخطوة متكاملة لإلغاء الطائفية السياسية و الانماء المتوازن في جميع المناطق اللبنانية، وما تبقى من بنود اتفاق الطائف». واضاف «ان الكتلة اعادت تأكيد ما طرحته الكتلة في الاستشارات السابقة وطلبت تضمينه في البيان الوزاري خصوصاً في ما يتعلق بمتابعة قضية اخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، وتنفيذ مشروع الليطاني، ودفع التعويضات المستحقة للأهالي على إثر عدوان اسرائيل في عام 2006، وما سبق ذلك من تعويضات مستحقة لأبناء المنطقة المحررة وغيرها من الامور المهمة». وفي الواحدة بعد الظهر التقى الحريري النائب روبير غانم، الذي أوضح ان مصادفة لقائه مع الكتل «هو بسبب سفره الى فرنسا للمشاركة في ندوة فرنسا عن النظام في 25 و 26، يليها مؤتمر برلين وسيشارك في مداخلة عن اللامركزية الادارية وقانون الانتخاب وعن النظام في لبنان». وقال: «تمنيت النجاح للرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية من اجل التوصل الى تأليف الحكومة، وشددت على الامور التالية: ليس المطلوب معجزة او صفقة او احداث مخلة بالامن للوصول الى تسوية او حل، بل المطلوب الترفع عن المصالح الشخصية والمزايدات وعدم قراءة الدستور كما لو انه اقتراح مفتوح على التفسيرات العديدة». واضاف: «المطلوب من جميع المسؤولين الالتزام بالدستور نصاً وروحاً ودعم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تأليف حكومة تكون على مستوى طموح اللبنانيين وآمالهم في مقابل تضحياتهم ومعاناتهم اليومية المعيشية و الاجتماعية التي لم تعد تتحمل التأجيل في تأليف الحكومة». وشدد على ان «هذه الحكومة يجب ان تكون ايضاً نموذجاً للمقدرة على ترجمة نتائج الانتخابات النيابية، وليست فرصة لتجاوز المؤسسات، وطالما ان الشعب هو مصدر السلطات وقال كلمته ومنح ثقته لممثليه في المجلس النيابي فإنه ينتظر ان تكون الحكومة ممثلة الصفات والمزايا القادرة على انتاج حكومة ائتلافية ميثاقية وان يكون اعضاؤها يتمتعون بالكفاءة والاعتدال والصدقية والخبرة السياسية وتسمح بمواجهة التحديات الاقليمية والمشاكل الداخلية المزمنة والتصدي لها رأفة بالبلاد والعباد. وبقدر ما ينجح الرئيس المكلف بالتعاون مع فخامة الرئيس في التوصل الى حكومة كهذه يكون لبنان نجح فعلاً و نكون جميعاً احترمنا نتائج الانتخابات و أعدنا الالتزام بالدستور من دون ارتجال او هرطقة او تفسيرات تخدم مصالح شخصية و ليس مصلحة الوطن و الدولة و المواطن». «التغيير والاصلاح» والتقى الحريري كتلة «التغيير والاصلاح» النيابية برئاسة ميشال عون، الذي قال: «اليوم بدأنا المشاورات بطريقة غير كلاسيكية تناولت كل المواضيع المعقدة، وتبادلنا فيها الاراء. واؤكد انه كانت هناك مصارحة هادئة، أصغينا الى بعضنا بعضاً وقررنا ان تكون هناك جلسة ثانية نكمل فيها المشاورات نظراً الى اتساع رقعة الحوار حول هذه المواضيع وتعددها، وهذا الشيء يستوجب ايضاً استكمالها بجلسة ثانية. واعتقد ان ما فعلناه اليوم مفيد جداً، ونأمل بان نكمل على نمط، لا نريد ان نقول، سريع، ولكن بالسرعة الكافية لنصل الى حل بالسرعة الممكنة». «اللقاء الديموقراطي» والتقى الحريري كتلة «اللقاء الديموقراطي» النيابي برئاسة وليد جنبلاط الذي وصف تلبية الرئيس السوري بشار الأسد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الى جدة ب«الحدث السياسي الكبير». وقال: «لا شك في أنه يعيد الاتصال والوصال بين سورية والمملكة العربية السعودية الذي لم ينقطع لكن نؤكد أهمية هذا الاتصال ومن خلاله أهمية الحفاظ على اتفاق الطائف وتمتينه، خصوصاً أننا جميعاً كلبنانيين أجمعنا على الحفاظ عليه، وهو كان إنجازاً عام 1989، عندما أتت المملكة العربية السعودية وسورية برعاية دولية، الى صياغة هذا الاتفاق ووضع حد للحرب الأهلية، ولاحقاً من خلال تشريعنا للمقاومة حررنا الجنوب، ولا شك في أن هذا لا بد من أن ينعكس إيجاباً على لبنان، لا تسألونني كيف بالتفصيل، لكن هذه نظريتي ونظرية الرئيس نبيه بري س س». ورأى جنبلاط أنّ «اللقاء الذي جمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، برعاية أوباما، جاء كي يعطي الأخير دروساً بالمفاوضات للفلسطينيين»، سائلاً: «أين خطاب أوباما في القاهرة ممّا يحدث اليوم بين العرب والإسرائيليين؟». واعتبر جنبلاط أنّ «الايام تتغير، فأين الاممالمتحدة ايام دخل عليها كبار كعبد الناصر وفيديل كاسترو وخروتشوف من التي نسمع فيها اليوم تهريج القذافي؟ لكننا لا نلومه إنّما نلوم المجتمع الدولي وأين وصل هذا المجتمع». وفي الشأن الداخلي أكّد جنبلاط ضرورة «إعادة تفعيل الأمن الداخلي، بمحاكمة موقوفي البارد لمعرفة من المذنب، إذ لا يمكن أن نبقي 20 ألف فلسطيني في البارد مشردين تحت شعار محاربة التوطين، يجب أن نؤمن لهؤلاء السكن اللائق في مخيم جديد ولاحقاً نبحث عن الحقوق المدنية للفلسطينيين، لا نستطيع أن نبقى في هذه الحالة لأنها تولد الإرهاب». وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة، ترك جنبلاط «هذا الأمر للحريري، فهو حريص على المصلحة الوطنية العليا والوحدة الوطنية». ثم التقى الحريري كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية برئاسة محمد رعد ثم الرئيس السابق لمجلس الوزراء النائب ميشال المر واختتمت استشارات اليوم الأول بلقاء النائب نقولا فتوش.