ملفات أغلقت بالشمع الأحمر، وتقارير الإنقاذ السرية تُلقى بين يدي عضو شرف، واجتماع يغرد بنتائجه إعلامي بارز قبل انتهائه! قرارات اللجان مثل الانضباط - كما حدث في تهبيط نادي الوحدة - تتداول الأوساط الإعلامية الحديث عنها قبل نشرها، وأسماء الحكام تعلن قبل إصدارها من لجنة المهنا! عبدالرزاق أبوداود والدكتور عبدالله البرقان بلغت أصداء خلافهما، على منصب رئاسة لجنة الاحتراف، «تويتر» أثناء انعقاد الاجتماع لتوزيع الأدوار، على رغم سحب جوالات الأعضاء في تصرف أثار امتعاضهم! أمثلة اختيرت دليلاً قطعياً على أن الاتحاد السعودي العربي لكرة القدم مخترق، وأن أحاديث اجتماعاته مسربة على رغم نفي رئيسه أحمد عيد، لكن السؤال المثير للجدل كيف يحدث ذلك الاختراق ومن المستفيد منه؟! يعرف تسريب الأخبار بأنه الكشف عن معلومات يحظر نشرها قبل إعلانها رسمياً، أو أنه التصريح بمعلومات سرية من دون إذن. وقد لا يؤخذ فعل تسريب الأخبار على محمل الجد، ولكن شواهد تاريخية تؤكد أن التسريبات أثرت في شكل مفصلي في مجرى الأحداث التاريخية، كما حدث في فضيحة «ووترغيت» عام 1976 التي سربتها صحيفة «واشنطن بوست»، وهنا أتذكر قصة طريفة حدثت عام 1851 عندما كان القائد جون سوتر وزميله جيمس مارشال يعملان على إنشاء طاحونة تدعى «سوتر» مع مجموعة من العمال في كاليفورنيا، وأثناء عملهم اكتشفا وجود ذهب، لكنهما اتفقا على إخفاء ذلك عن العمال وعدم تسريب الخبر كي لا يتركوا العمل في إنشاء الطاحونة، وينشغلوا بالتنقيب عن الذهب! وعوداً على بدء، فقد أتفهم تمرير رؤساء الأندية والوكلاء أنباء مفاوضات اللاعبين لبعض الإعلاميين أصحاب الشعبية العالية، بهدف الضغط على الأندية المنافسة ورفع أو خفض مبلغ الصفقة، أو أتقبل ما يحدث خارج نطاق الرياضة من تسريب مقصود لبعض القرارات لجس النبض وتهيئة العامة، ولكن ما الداعي للإفصاح عن قرارات مهمة من داخل الاتحاد؟ بتحليلي الشخصي المتواضع أجد أن بعض الإعلاميين يحصلون على الخبر من طريق أعضاء بفضل العلاقة الشخصية الجيدة التي تجمعهم، وذلك بواسطة رسالة (جوال) أو بريد إلكتروني، وهنا هل يتم الحل بواسطة منع الأعضاء من حمل هواتفهم داخل قاعة الاجتماع؟! تلك الخطوة طبقتها الحكومة البريطانية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي عندما منعت إدخال (الآيباد) إلى الاجتماعات المغلقة. وهل يحق لي طرح فرضية تقول إن أحدهم يتلقى مبلغاً مالياً في سبيل تمرير معلومة أو أخرى ذات أهمية ويترقبها الشارع الرياضي؟! وهل الميول إلى الأندية وتعصب بعض الأعضاء أسهم في الكشف عن السرية بغية إثارة الرأي العام لمصلحة ناد ما؟! وقد يحدث ذلك بسبب رغبة العضو في إثارة الرأي العام على الاتحاد لدوافع، منها عدم رضاه عن نتائج الاجتماع ويسهم ذلك في رفع مكانة الصحافي ناشر التسريب، فنحن نعلم أن جميع العاملين في الرياضة يملكون ميولاً تجاه أحد الأندية، وهو أمر بديهي، لكن المفترض أن لا تؤثر العواطف في آرائه وقراراته داخل اللجان. لا يحدث ذلك الاختراق لدينا فقط، ففي مصر دار جدال طويل بين نائب رئيس مجلس اتحاد القدم وأحد الأعضاء بسبب تسريب صور الاجتماع، وكذلك أخبار النقل التلفزيوني لإحدى الشركات المهتمة. إذاً الفساد ليس قضية محلية وليس له إطار موحد، وجميعنا نتذكر ما حدث في الاتحاد الإيطالي لكرة القدم عندما ظهرت قضية «الكالتشيو بولي» بعد فوز «الأزوري» بكأس العالم 2006 وتم تهبيط يوفنتوس إلى مصاف أندية الدرجة الثانية، بسبب فضيحة التلاعب في النتائج التي اشترك فيها بعض الحكام وأعضاء من الاتحاد قبل أن يستقيل الرئيس، لذا فمن الممكن أن يتوغل (الفساد) إلى الرياضة كما حدث عندما عزل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) القطري محمد بن همام مدى الحياة وسحب منصب رئاسة الاتحاد الآسيوي منه بتهمة دفع الرشاوى لأعضاء الاتحاد الكاريبي في انتخابات رئاسة «فيفا» وتمت تبرئته فيما بعد من محكمة الاستئناف الرياضية، وكذلك الشكوك في نجاح ملف قطر في تنظيم كأس العالم 2022. الرياضة ليست بمعزل عن الأيدي الخفية التي تعبث بها بقصد تحقيق أهداف ذاتية محضة متجاهلة الهدف الأسمى لها وهو التنافس الشريف. وعلى رغم وجود البذرة الحسنة لدى كل إنسان مع ضوابط الدين الإسلامي الذي أرشد في فقه المعاملات إلى الأمانة وحث عليها، وكذلك التقاليد والأعراف الفاضلة التي زرعت فينا، لكن لا يمكن أن ننكر أن الغريزة غير المرئية بداخلنا والمعربة بال«ضمير» قد لا تكفي أمام سيل المغريات. كل ما أرجوه ألا نضطر في يوم ما إلى تشريع (إلقاء القسم) بعد التعيين عضواً في الاتحاد خشية ظهور (ويكيليس) في الإعلام الرياضي! [email protected]