قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد إنه «يكفي المسلمون عزة ما يحققه دين الإسلام من انتشار في كل أصقاع الدنيا قويها وضعيفها شمالها وجنوبها، على رغم حملات التشويه والتجني، دين عظيم عزيز إذا تطاولوا عليه اشتدّ وإذا تركوه امتدّ، والمسلمون حين يعودون إلى دينهم ويعتزون بقيمهم ويتمسكون بشريعتهم لن ينقذوا أنفسهم وحدهم، ولكنهم سينقذون البشرية كلها التي تئن من تعاظم الدمار والخراب، فديننا هدى للناس أجمعين، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله للعالمين». وأكد الشيخ ابن حميد في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس، أنه «بسبب تحكيم العقل بل تحكيم الهوى ضعفت القيم وطغت النظرة المادية، بل برزت العنصريات وتجسّدت العصبيات، وإنك لترى المنتسب إلى التقدم والعلم وهو يحمل التعصب المقيت للونه وقوميته على رغم ما حققه من تقدم مادي، بل لقد حارب الدين والتدين حتى أصبح أسيراً للماديات والمحسوسات فحقق فيها نجاحاً لا ينكر، ولكنه فشل في الحفاظ على كرامة البشر من غير أجناسهم وقومياتهم، بل لقد عولموا الحروب والصراعات والتظالم، وسيكون الوضع أكثر حدة وأشد قسوة كلما تعاظمت وسائل قوته وأدواته في جشع المادة واستعظام القوة، ولقد تضاعفت أعداد الضعفاء والبؤساء من ملايين الثكلى والجوعى والعراة والمرضى والمعدمين، وإنك لترى المخترع في اختراعه والمكتشف في اكتشافه والصانع في صناعته يهدف إلى نفع الناس في ميادين الطعام والغذاء والكساء والدواء من أجل مزيد من الصحة والعافية والسلامة، غير أن معاملهم هذه ومختبراتهم ومصانعهم هي التي تنتج وبشكل أكبر وأفظع وأثرى الغازات السامة القاتلة والأسلحة الفتاكة المدمرة، وهي التي تهدد بالحروب الجرثومية والكيماوية والنووية، وسباق التسلح لا سقف له ولا حدود». وأضاف أن الإنسان الصالح، هو «إنسان الإيمان والأخلاق والقيم والمبادئ والشرف والفضيلة والكرامة والنزاهة والصدق والاستقامة والمسؤولية، والعقل الإنساني وحده لا يستطيع أن يستقل بالقرارات الصحيحة والأحكام الصائبة، ذلكم أن الإنسان ذو نزعات نفعية ضيقة، بل إنه بعقله واستبداده وهواه يحاول أن يغتصب ما يستطيع اغتصابه وينهب ما يقدر على انتهابه، الإنسان بعقله المجرد وهواه الطاغي تجلّى وتجسّد في كثير من مظاهر حضارة اليوم، فلا اعتراف بعالم الغيب، ولا بما وراء الطبيعة كما يعبّرون، وإنما هو العالم المحسوس المنظور ولا شيء غيره، بل لقد جعلوا الإنسان هو الصانع لقيمه، فاتخذ لنفسه نهجاً ومساراً ابتعد فيه عن الدين والإيمان وما جاءت به الرسل وتنزلت به الكتب، حتى قالوا لا توجد حقائق ثابتة للعدل والحرية ولا معايير ضابطة للأخلاق والمصالح ولكنها النسبية القاتلة، فلا عداوات ولا صداقات ولا صدق في العلاقات، بل هي مصالح الأقوى وأحكام الأظلم».