فتح مهرجان الحرفيين الأول في سلطنة عمان الفرصة أمام 40 مؤسسة وطنية لعرض منتجاتها في مجال الحرف. وكلمة مؤسسة تبدو أكثر مما تتحمله مشاريع شباب، من الجنسين، تمسكوا بتراث أجدادهم فرأوا فرصة لتقديمه بما يتناسب والأفكار المعاصرة، متخذين من منازلهم ورشاً، خصوصاً النساء، بينما قلة احتاجت ورشة تجارية تصنّع فيها تلك المنتجات. وفي مركز عُمان الدولي للمعارض، قدم المهرجان الأول المخصص لهؤلاء الحرفيين فعالياته المستمرة 12 ساعة يومياً، ولمدة خمسة أيام بدعم حكومي كبير، لكن بقي المعرض يعاني من قصور تحويله إلى تظاهرة جماهيرية كبيرة مكتفياً بما يشبه المحال التجارية الصغيرة ليعرض كل حرفي فيها أعماله. وبدا واضحاً الاهتمام الرسمي بالحرفيين من خلال إنشاء هيئة خاصة بالحرفيين ترأسها امرأة بدرجة وزير، واعتبرت حينها أول عمانية تصل إلى هذه المرتبة، فيما رعى حفلة افتتاح المهرجان ممثل السلطان قابوس أسعد بن طارق آل سعيد الذي أكد اهتمام الحكومة منذ بداية عهد النهضة مطلع سبعينات القرن الماضي بأصحاب الحرف «حيث سارع الجميع لدعم الحرفيين مادياً ومعنوياً حتى تمكنوا من تسويق منتجاتهم داخل السلطنة وخارجها، وهو ما يمثل رسالة ثقافية للذين لا يعرفون عمان جيداً، حيث يمكن أن يتعرفوا عليها من خلال الصناعات الحرفية». وأوضح أسعد بن طارق أنَّ «الحرفيين يحتاجون للتحفيز المستمر وفتح المجالات أمام حرفهم للعرض خارج السلطنة من خلال التنسيق مع سفارات عمان في الخارج» مشيراً إلى أن «المجتمع العماني أصبح أكثر تقبلاً للعمل في هذا المجال». وتنوعت معروضات المهرجان، وغالبيتها محسوب في مادته الخام على الطبيعة العمانية، فبداية من أدوات الزراعة القديمة المصنوعة من جذوع النخل إلى أطقم الأثاث التي تبدو أنيقة على رغم صناعتها من سعف النخيل، كراسي وطاولات، مروراً بالصناعات الصغيرة كالهدايا التذكارية من ميداليات من جلد وأقمشة وحقائب يد على شكل ملابس الرجال والنساء التقليدية في السلطنة، وهناك الأزياء القادمة من ولايات عمان، خصوصاً من ولاية صور المعروفة بأناقة زيها النسائي. نادية بنت سعيد الرواحي فتاة عمانية دخلت مجالاً يعد ذكورياً بامتياز، فهي ماهرة في صناعة الخناجر والمشغولات الفضية، ومن بين أعمالها العصي المرصعة بالفضة إضافة إلى التحف الفضية وعمل الحلي النسائية والميداليات وغيرها من القطع التي تبدو فنية أكثر من كونها أعمالاً حرفية ما منحها الفوز بكثير من الجوائز، والتكريم على مستويات حكومية، متخذة من منزلها ورشة تقدم إبداعها إلى العالم الخارجي. جميلة، التي جاءت من محافظة ظفار، تعرض في ركنها الصغير ما تشتهر به محافظتها من لبان وبخور ومجامر فخارية يوضع فيها الفحم مع اللبان ليعبق المكان برائحة طيبة، وقد حولت الطبقة الأولى من منزلها لمشروعها الذي أصبح قبلة لزوار السلطنة، خصوصاً في موسم صلالة السياحي. وسعى أحمد المخلدي لتقديم المختلف في الأثاث الذي يقدمه، وبين السيوف والخناجر والعصي المشغولة بالفضة بدت الطاولات على قدر كبير من الجمال الفني وفي قلبها وضع تشكيلات لحلي نسائية وأخرى تتعلق باللباس الرجالي لتكون أشبه بالعرض المتحفي داخل المنزل. ولم يكن المهرجان معرضاً فقط، بل أضاف إلى أجندته تدشين كتاب «دليل تصنيف وتوصيف الحرف العُمانية» الصادر عن الهيئة وفق معايير علمية لتوثيق الموروثات الحرفية الوطنية وتصنيفها وفق تصنيف معتمد من قبل الهيئة بما يتناسب مع المضمون الحضاري لكل حرفة» إضافة إلى عرض لورش إنتاجية تقدم الصناعات الحرفية بمصاحبة شرح عن أدواتها وطرق صناعتها.