أرثيك وقلبي ينزف دمعاً وعيناي تمطر من شذاك رذاذاً أرثيك وقد أدمى روحي ثقل أحوالك واستلقت على راحتي براعم أحزانك أرثيك وقد تألمت لسهم اجتاح أجوافك واشتدت في شراييني رياح أوجاعك أرثيك وأبكي لأنين أنثى آسرة العينين ساحرة النهدين ورائعة الوجنتين أبكي لحاضر تآكل تحت رماد أمجادك وأنزرع كالنصال بين هشاشة أناملك أبكي لهذيان مدينة تسامرت مع الأحلام ثم أغرقت رأسها في سحب من الهوان أبكي لبكاء مدينة هجرتها خصل الضحى وتسلقت خدودها خيوط الندى بيروت ، بيروت المتعالية المكابرة أسندت رأسك إلى جدار الأمل العصي وتركت الليل يلتحف جسدك الفتي يغفو بين أحداقك ويتكئ على خاصرتك تركت النجم ينير سراديب وحدتك قلت علّ الصباح يكون زاهياً مطمئناً وعلّ الآتي يحمل إليك الأخبار السارة فما الذي حدث فجأة ، بيروت؟ أتوا وأيقظوك قسراً وكان النعاس ما زال مستلقياً على أهدابك والليل لم يكن قد لملم بقاياه عن جفونك انتشلوك من سباتك واغتالوا آمالك شربوا كأس احتراقك وتقاسموا ثرواتك اجتاحت غيوم الهباب جدرانك غزت القبل اللاسعة ثغرك تغلغل السديم بين أروقة منازلك ولوّن السواد الكالح شفتيك بيروت، ولدت من رحم الرجاء وللحياة والابتهال أعلنت الولاء في باطنك أزهرت براعم الأقحوان ومن أحشائك انتشل الكون السلوان قبلة الشرق أنت ورواية العشاق حلاك لو عرفت كم هو بحاجة إليك الليل لما أطفأت في وجهه مصباحَي عينيك منارة الضالين أنت وحرارة الصقيع ابتسامتك لو عرفت كم هو بحاجة إليك الفجر لما حرمته من رائحة الياسمين على ذراعيك ياقوتة البحار أنت وأنشودة الخريف صوتك لو عرفت كم هم بحاجة إليك لما تركت أرضك تنوء تحت أثقال قدرها ورحت تبحثين في الخواء عن مأوى لدلالك عودي يا بيروت فكم نحن بحاجة إليك، اليوم وكل يوم.