شهدت قضية «كلير ستريم» التي تتولى محكمة باريس الجزائية النظر بها تطوراً جديداً، تمثل بإعلان رئيس الحكومة الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان عزمه على مقاضاة الرئيس نيكولا ساركوزي، على زلة لسان أقدم عليها خلال مقابلة تلفزيونية. وأعلن المحامي أوليفييه ميتزكير الذي يمثل دوفيلبان في قضية «كلير ستريم» انه سيتقدم بشكوى الى القضاء ضد ساركوزي على انتهاكه مبدأ ان المتهم بريء الى ان يدان. وكان ساركوزي سئل خلال مقابلة تلفزيونية أجريت معه في نيويورك حيث يشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن رأيه في ما يقال عن تحامله على دوفيلبان من خلال إصراره على ملاحقته أمام القضاء في إطار قضية «كلير ستريم». ورد الرئيس الفرنسي بالقول إن «اثنين من القضاة اعتبرا أن المذنبين يجب أن يحالوا إلى المحكمة الجزائية». وأثار استخدام ساركوزي عبارة «المذنبين» حفيظة دوفيلبان، كونها تشكل انتهاكاً لمبدأ البراءة المحتملة لأي متهم لم يصدر بحقه أي قرار قضائي. وذكر ميتزكير أن دوفيلبان الذي قدم شكواه أمس، الى محكمة باريس المدنية، طالب بتعويض مادي رمزي، مقابل الأذى الذي لحق به. لكنه عبر عن إدراكه بأن القضية لن تؤدي في الوقت الحالي الى نتيجة، بحكم الحصانة الرئاسية التي يتمتع بها ساركوزي. وأشار الى أن أهمية الشكوى تكمن في أنها تظهر عدم قابلية المحكمة على اتخاذ قرار ضد الشخص الذي انتهك مبدأ البراءة المحتملة. والمعروف أن الدستور الفرنسي ينص على أن الرئيس الفرنسي هو الضامن لاستقلال القضاء، ومن هذا المنطلق، بإمكان دوفيلبان والمحامين الذين يتولون الدفاع عنه استخدام زلة لسان ساركوزي ضده، ورد الشكوى التي أقامها على رئيس الحكومة السابق. ومعروف أن ساركوزي، أصر على ملاحقة دوفيلبان قضائياً، على قضية تعود الى عام 2004 حين كشف عن لوائح تبين أنها مزورة، تضم أسماء سياسيين وصناعيين، منهم اسم الرئيس الفرنسي باعتباره من أصحاب الحسابات السرية لدى مؤسسة «كلير ستريم» المالية السويسرية. واعتبر ساركوزي الذي كان على تنافس مع دوفيلبان أن الأخير كان على علم بهذه اللوائح المزورة وتكتم على الموضوع لقطع طريق الرئاسة أمام خصمه، مما جعل ساركوزي يقيم شكوى ضده ويتمسك بهذه الشكوى على رغم فوزه بالرئاسة. وترافق هذا الإصرار مع تساؤلات حول جواز استخدام رئيس الجمهورية صفة الادعاء العام لمقاضاة شخص آخر، وهو ما حاول محامو دوفيلبان التركيز عليه أمام المحكمة الجزائية. وتأتي زلة لسان ساركوزي واضطرار محكمة باريس المدنية الى ردها طالما بقي في رئاسة الجمهورية لتعطيهم حجة إضافية، حول عدم جواز المطلب في قضية «كلير ستريم». ويتوقع أن تشهد هذه القضية المزيد من التطورات، في حين تمثل حالياً نموذجاً غير مسبوق من العداوة اللدودة بين شخصيتين تنتميان الى أسرة سياسية واحدة، وإصراراً متبادلاً على المضي حتى النهاية في محاولة النيل من الآخر.