عشية الانتخابات النيابية الفاصلة في ألمانيا الأحد المقبل، بدأ القلق يساور مؤيدي المعسكر المسيحي - الليبرالي بعدما أظهرت استطلاعات أجرتها معاهد بحوث عدة، تراجعاً في فرص فوز الاتحاد المسيحي الذي تقوده المستشارة أنغيلا مركل مع حليفها التقليدي المفضل الحزب الليبرالي الحر. وكانت الاستطلاعات التي أجريت خلال الأسابيع والأشهر الماضية توقعت باستمرار حصول الحزبين المذكورين على أكثرية نيابية مريحة في الانتخابات، ما يعني وضع نهاية «للتحالف القسري» القائم منذ عام 2005 بين المسيحيين والحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يخوض حالياً معركة إثبات وجود لتفادي المزيد من التفتت والانقسامات داخله في حال خسارته معركة البقاء في السلطة. وبدا واضحاً أن فوز المرشح الاشتراكي وزير الخارجية الحالي فرانك فالتر شتاينماير على المستشارة أنغيلا مركل في المناظرة التلفزيونية التي جرت قبل عشرة أيام، غيّر مواقف نسبة غير قليلة من الناخبين لمصلحته بعدما فاجأهم باطلاعه الدقيق على مختلف شؤون الدولة والمواطنين ونظرته الواضحة إلى المستقبل. وتمكَّن أيضاً من إخافة قسم كبير من الفئات العاملة والوسطى من مخاطر وصول المسيحيين والليبراليين إلى الحكم، رافعاً لواء الدفاع عن مصالح الصغار ومحدودي الدخل والعاطلين من العمل. وأظهرت استطلاعات الاسبوع الحالي أن الحزب الاشتراكي خرج من قعره التاريخي وكسب من ثلاث إلى أربع نقاط مئوية جديدة، كما ارتفعت شعبية شتاينماير بواقع 18 نقطة دفعة واحدة في حين تراجع الآخرون ومنهم المستشارة أيضاً التي بقيت مع ذلك تترأس لائحة السياسيين العشرة الأكثر شعبية في البلاد. وأجمعت معاهد بحوث الرأي العام على أن المحور المسيحي - الليبرالي لن يحصل الأحد على أكثر من 48 في المئة من الأصوات، بل أن استطلاع معهد «إنفو» الذي أجري لحساب جريدة «هاندلسبلات» الاقتصادية أعطى المحور 46 في المئة فقط (34 في المئة للمسيحيين و12 في المئة لليبراليين)، وهي أضعف نسبة تسجلها الاستطلاعات له حتى الآن في مقابل 49 في المئة للاشتراكيين وحزبي الخضر واليسار (27 و 10 و12 في المئة على التوالي). ويرى المراقبون أن أعداداً متزايدة من الناخبين عادت واقتنعت على ما يبدو بأن التحالف الحكومي الأفضل للمرحلة الراهنة المملوءة بالأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والدولية يتمثَّل في التحالف المسيحي - الاشتراكي الحالي الذي لم تعرفه ألمانيا الحديثة سابقاً إلا مرتين فقط. وعلى رغم كل الكلام السلبي الذي قيل عنه قبل الأعوام الأربعة الماضية، تبين أن التحالف تمكَّن خلال هذه الفترة القصيرة من الوصول إلى تفاهمات وحلول وسط لأمور مجمدة منذ عقود، وحقَّق إصلاحات عدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية. أما اختيار محور أحادي الجانب فيمكن أن يؤدي في رأي المراقبين إلى نتائج أكثر سلبية. من هنا يتمثّل الخيار الكبير المطروح الآن أمام الناخبين الألمان إما بتجديد الثقة بالتحالف الحكومي (يمين - وسط) القائم حالياً على رغم سلبياته والانتقادات الموجهة إليه أو إبداله بتحالف مسيحي - ليبرالي (محافظ - نيوليبرالي)، يحذِّر الاشتراكيون من أنه سيكون كارثياً على الاقتصاد وعلى الفئات الشعبية.