سيطر هاجس السيارات المفخخة على عدد من المناطق اللبنانية أمس، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تعرضت حتى الآن الى خمسة تفجيرات إرهابية مسببة العديد من الضحايا، كان آخرها أول من أمس في الشارع نفسه الذي فجر فيه انتحاري نفسه وسط المدنيين الأبرياء في 2 كانون الثاني (يناير) الجاري. وأدى الارتياب ببعض الأشخاص لمجرد أنهم يطلقون لحاهم الى توقيف أحدهم وتبين أنه مواطن عادي يعمل موسيقياً ولا يحمل متفجرات. ونفت قوى الأمن الداخلي إشاعات عن وجود سيارة مفخخة في منطقة الطريق الجديدة في بيروت. وشُيعت الفتاة التي قضت بانفجار أول من أمس، ماريا الجوهري، في بلدتها الهرمل وسط أجواء مؤثرة، كذلك أحمد العبيدي في الطريق الجديدة، على أن يُشيّع الطالب الجامعي علي إبراهيم بشير، إضافة الى ضحية أخرى اليوم. وفيما تواصلت التحقيقات حول تفجير الضاحية الأخير وتركزت على تتبع مسار سيارة ال «كيا» المسروقة التي استخدمها الانتحاري، أكدت مصادر رسمية أن سارق السيارة موقوف ويدعى نبيل أحمد الموسوي وأُخضع للتحقيق لمعرفة المزيد من التفاصيل، فيما التحريات مستمرة لمعرفة هوية الانتحاري الذي بقي بعض ملامح رأسه واضحاً إثر تحول أنحاء جسمه الى أشلاء متطايرة. وفي موازاة ذلك ازدادت التعديات من قبل بعض المسلحين في طرابلس، التي شهدت هدوءاً حذراً أمس، على الجيش اللبناني فيما كان يحاول ضمان التهدئة في المدينة، فأطلق مسلحون قذيفتين صاروخيتين على آليتين للجيش صباح أمس. وأصدرت قيادة الجيش بياناً حددت فيه للمرة الأولى أسماء العناصر المسلحة التي ارتكبت الاعتداء على عناصره، ما أدى الى جرح 8 عسكريين إصابة اثنين منهم خطرة، توفي أحدهما مساء. وحدد بيان الجيش منطقة التبانة مصدراً للتعديات على الجيش. وترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً سياسياً أمنياً في منزله في المدينة. وشدد على «إعادة الثقة بين الأجهزة الأمنية والأهالي وعدم التعرض للجيش بأي شكل». من جهة ثانية، واصلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس جلساتها بالاستماع الى شاهدين يمثلان المتضررين وأقارب الضحايا، ثم خبيرة شرحت باسم الادعاء بعض الجوانب التقنية لبعض الأدلة، منها الأفلام المصورة من كاميرات مراقبة التقطت تحركات السيارة التي استخدمت لتفجير موكب الرئيس الراحل رفيق الحريري (ميتسوبيشي – كانتر) قبل دقائق من جريمة الاغتيال. وينتظر أن تواصل غرفة الدرجة الأولى الاستماع الى الشهود الثمانية حتى آخر الاسبوع ومن ضمنهم خبراء سيشرحون أدلة الاتصالات التي استند إليها الادعاء. في هذا الوقت، تكثفت الاتصالات واللقاءات من أجل تذليل العقبات أمام تأليف الحكومة الجديدة، لا سيما بين ممثلين عن «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وحلفائه في «حزب الله» وحركة «أمل» من جهة، وبين عدد من المعنيين بالتأليف. وهي تركزت على اعتراضات عون على المداورة في الحقائب وإصراره على الاحتفاظ بحقيبة الطاقة للوزير جبران باسيل. وفيما قالت مصادر مطلعة على موقف عون إن موافقة حليفيه «حزب الله» وحركة «أمل» على المداورة في الحقائب قد تجعل من المتعذر العودة عن هذا المبدأ، وإن المخرج قد يكون في حصول عون على إحدى الحقائب السيادية الأربع، أو في أن تتم تسمية وزيرين من تكتله لحقيبتي خدمات أساسيتين، هما الأشغال العامة والصحة، أوضحت مصادر أخرى مواكبة لاتصالات التأليف أن عون رفع سقف موقفه التفاوضي عبر الوزير باسيل فلوّح الى أنه قد يُعلن عزوف تكتله عن الاشتراك في الحكومة، ما يعني تدهور علاقته مع «حزب الله»، وهو ما دفع الأخير الى تأجيل جوابه للرئيس سلام عن نتائج الجهود التي وعد ببذلها مع عون لتليين موقفه. ورفضت مصادر في «التيار الوطني الحر» الإفصاح عن أي من الخيارين الذي يمكن أن يسلكه العماد عون، وقالت ل «الحياة»: «صحيح أن الموضوع الآن بيد الرئيسين، لكن ليس معروفاً عنا أننا نسلّم بما يرسمه الآخرون، ولن نقبل بذلك. وهذا سيرتب تغييراً بأمور كثيرة، فالقضية ليست بالسهولة التي يصوّرها البعض بأنه يمكن تجاوز ما حصل». وذكرت المصادر المواكبة أن تشدد عون هذا أحرج حليفيه، وأدى الى طرح السؤال عما سيكون عليه المشهد الحكومي في حال امتنع فرقاء مسيحيون آخرون عن الاشتراك في الحكومة، بحيث ستبدو التركيبة الحكومية على أنها نتيجة اتفاق سنّي – شيعي يبدو أقطاب مسيحيون خارجه. وتحدثت المصادر المواكبة لاتصالات التوافق على الحقائب الوزارية عن توصل الرئيس سلام الى توافق مع تيار «المستقبل» على حل الخلاف بينهما على حقيبة الداخلية، بتسمية شخصية يرضى عنها الطرفان.