هل تكفي «الأرقام المرعبة» والقول إن 300 شخص يهجرون من بيوتهم مع كل ساعة اضافية من الصراع في سورية، وستة آلاف شخص يموتون كل شهر اضافي لدفع النظام السوري والمعارضة الى تسوية سياسية-تاريخية؟ كان عدد من الخبراء اجتمعوا عشية انطلاق المؤتمر الدولي حول سورية في مونترو أمس، ليوجهوا نداء إلى اللاعبين المحليين والقوى الإقليمية والدولية لانتهاز «الفرصة التاريخية» بمشاركة 45 طرفاً للدفع باتجاه الحل السياسي الذي أدى بعد ثلاث سنوات إلى مقتل نحو 120 الف شخص وخروج نحو خمسة ملايين شخص من بيوتهم ووضع نحو عشرة ملايين شخص في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، من اصل 22 مليون سوري. ووفق وثيقة حصلت على نصها «الحياة» من «لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» (اسكوا) بعد اجتماع عشرات الخبراء، فإن السوريين «أمام لحظة تاريخية مهمة بانفتاح نافذة أمل لأفق حل سياسي، قد يكون فرصة للبدء بعملية بناء نموذج اجتماعي واقتصادي وسياسي وطني جامع». ووفق الدراسات والتقديرات التي قامت بها مجموعات العمل في «اسكوا» خسرت سورية 37 سنة من التنمية وتراجع تصنيفها في كل المؤشرات التنموية لتحتل المركز قبل الأخير عربياً، ما يعني ان «كل يوم إضافي في هذه الأزمة سيعني خسارة 109 ملايين دولار أميركي من الناتج المحلي الإجمالي والمزيد من التراجع وصعوبة إعادة البناء». (الناتج الإجمالي يبلغ نحو 60 بليوناً). وأضافت الدراسات انه «مع تسرب 38 في المئة من الطلاب من العملية التعليمية ووصول البطالة إلى 42 في المئة لم يعد هناك مجال للتمييز بين إعادة بناء البنية التحتية وإعادة بناء المجتمع والمؤسسات». وكي يقدم الخبراء «صدمة» الى المجتمعين في مونترو، أفادوا بأن سورية «تخسر عشرة ملايين ليرة سورية (الدولار يساوي نحو 150 ليرة) في كل دقيقة وأن 300 شخص يهجّرون من بيوتهم كل ساعة وأن تسعة آلاف شخص يصبحون تحت خط الفقر الأدنى و2500 شخص يفقدون المقدرة على تأمين قوتهم كل يوم»، اضافة الى أن عشرة آلاف شخص يخسرون عملهم في كل اسبوع وستة آلاف يموتون شهرياً. وفي الإجمال، فإنه «مع كل سنة تستمر فيها الأزمة تتراجع سورية ثماني سنوات إلى الخلف في كل المؤشرات الاقتصادية والتنموية»، بل ان «البلد الذي زرع القمح قبل 12 ألف سنة يعجز ربع سكانه عن تأمين رغيف الخبز». عليه، فإن الخبراء يقولون: «الثمن الذي يدفعه السوريون وسيحملونه الى ابنائهم وأحفادهم، تحمّل هذه الأرقام كل السوريين مسؤولياتهم وتضعهم أمام اللحظة المصيرية لإنقاذ بلادهم». لكنهم يجددون أن الفرصة «لم تفت بعد وأن هناك إمكانية للبدء بعملية بناء سورية جديدة قائمة على الحوكمة الرشيدة والمؤسسات الديموقراطية الضامنة لكرامة المواطن وحقوقه، والمستندة إلى أولويات المواطنين ومواثيق ومبادئ الأممالمتحدة، وذلك إذا ما نجحت المساعي السياسية الجارية حالياً للوصول إلى حل سياسي، ينهي الأزمة عبر مصالحة وطنية تاريخية يوقف أسوأ كارثة إنسانية مرت بها سورية عبر التاريخ». ومن المقرر أن يعرض الخبراء نتائج عملهم على وفدَي الحكومة والمعارضة لدى لقائهما في جنيف للتفاوض على تشكيل هيئة حكم انتقالية بقبول متبادل، على أمل دفع الجانبين الى التفكير بمستقبل البلاد.