نجح «ساهر» ولا شك، تنظير المثقفين لا يغني ولا يسمن جوعاً، فهذا ما يشاهده الجميع. نعم هناك ثغرات وأخطاء لكنها لا تلغي المنظومة الناجحة. الآن إدارة المرور ترتكز على أرضية صلبة، إذا ما أرادت تطوير هذا النظام (ساهر)، ولكني أعتقد مثل كثيرين أنه ما زال الوقت باكراً على التطوير، فالأهم حالياً نشره أو توسيع نطاقه، على الأقل وسط المدن وعلى الطرق الحيوية والمزدحمة. ما أقصده بالتطوير هو توسيع العمل ب«ساهر» ليتعدى دوره رصد المخالفين، إلى فك الاختناقات المرورية وكشف أسباب الازدحام المروري في الطرق الحيوية. لنأخذ مثلاً طريق خريص في الرياض، يقع حادث مروري بسيط ينتج منه اختناق قد يمتد إلى آخر الطريق، بل ربما أثر في طرق أخرى وعطل الناس عن مصالحهم وأعمالهم، تخيلوا لو كانت هناك كاميرات «ساهر» تغطي «خريص»، هل سيضطر سائقو السيارات إلى انتظار المرور؟ بالطبع لا، فالكاميرات يمكن العودة لها وتقرير الحادث من دون التسبب في مضايقة الآخرين. لكن السؤال: هل الحوادث المرورية هي السبب الرئيس في اختناق حركة السير؟ في رأيي أن هناك جهات حكومية أخرى تحمّل إدارة المرور ما لا تحتمل، فهناك مستشفيات ومطاعم ومحال تجارية وأسواق، يضطر أو يتعمد زبائنها أو مراجعوها إلى إيقاف سياراتهم في شكل خاطئ أمامها، بحيث لا يبقوا للسيارات المارة سوى مسار وحيد. الحل هنا هو ساهر. تلك المحال أصحابها يتربحون على حساب أوقات الآخرين وراحتهم وربما سلامتهم، وما دامت الجهات البلدية قصرت في واجباتها ولم تلزم تلك المنشآت التجارية بإنشاء مواقف خاصة، أو أن الزبائن وبعض المستهترين استمرؤوا الوقوف قرب باب المتجر حتى لو كان على أحد مسارات الطريق، فلا بد من تدخل المرور، ولأن الوضع مستشري في كل الشوارع والمدن، والكادر البشري للمرور لا يستطيع تغطيته، فلا بد من «ساهر». المطاعم تقف على رأس تلك المحال، خصوصاً أن الغالبية العظمى منها لا يتوافر فيها مواقف خاصة، وإن توافرت فلا تتعدى ثلاثة أو أربعة مواقف، مع أن صاحب المطعم يعلم يقيناً أن عشرات بل مئات السيارات ربما تقف أمام وبالقرب من مطعمه في وقت واحد. لتكن مخالفة المرور هي عقوبة الزبائن، وهجر الزبائن هي عقوبة المطعم. إن من يرتاد شوارع خالد بن الوليد في الروضة أو عائشة بنت أبي بكر في حي السويدي أو طريق المدينةالمنورة في البديعة أو طريق أحمد بن حنبل في النسيم، يعي جيداً ما أكتب عنه. وبما أني من سكان الرياض فأنا أكتب عما أشاهد، وإلا فإن الوضع ينسحب على المدن الأخرى، خصوصاً جدة ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية. إنني أدعو المسؤولين في الإدارة العامة للمرور لزرع كاميرات «ساهر» بداية عند الأسواق والمطاعم والمحال التجارية، وأجزم أن رواد تلك المحال سيبحثون عن مواقف أخرى ليست على الشارع، أو على الأقل سيغادرون، وعندما يجد صاحب المحل أو المطعم أنه بدأ يفقد زبائنه، فإنه سيوفر مواقف للسيارات. سلطان الدوسري - الرياض