يتزامن بدء الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري استشاراته مع الكتل النيابية في البرلمان اليوم مع التحرك الذي بدأه رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس ويواصله اليوم حول الوضع في لبنان لمناسبة مشاركته في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يلقي اليوم كلمة لبنان، ويلتقي قادة عرباً ودوليين، في موازاة محطة الاتصالات التي يفترض أن تتناول التطورات في لبنان في مدينة جدة خلال وجود عدد من قادة الدول العربية، بينهم الرئيس بشار الاسد، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والذي صادف مع العيد الوطني السعودي، ويمثل لبنان في هذه المناسبة رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة. وإذ ارتفع منسوب الاهتمام الخارجي بأزمة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، بموازاة تهيؤ الفرقاء المحليين لطرح مطالبهم على الرئيس المكلف واهتمام آخرين بضمان تسريع تشكيل الحكومة وتدوير الزوايا في مطالب المعارضة بعد التأزم الذي قاد الى اعتذار الحريري قبل أسبوعين، فإن مصادر مواكبة لعملية التأليف توقعت ان يركز الأخير في استشاراته مع الكتل النيابية على توجهات عدة أبرزها: 1 – استكشاف الآراء في شأن مطالب الكتل لجهة تمثيلها في الحكومة وبالحقائب والأسماء التي تطرحها. 2 – مناقشة الأفكار المقترحة للبيان الوزاري للحكومة وبرنامجها ووضع عناوين رئيسة لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه لبنان. 3 – استطلاع الآراء حول المرحلة المقبلة في ضوء التعقيدات الحاصلة على الصعيد الإقليمي. وفي المقابل استبق زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي، زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون الاستشارات بعد ترؤسه اجتماعاً للتكتل أمس فقال إن «المشكلة (عدم تأليف الحكومة في التكليف الأول للحريري) كانت لدى الأكثرية ولبّسونا إياها». واعتبر أن «اعتذار الحريري كان سببه خارجياً ونخشى أن يتكرر»، وأوضح أنه ينتظر الجديد الذي سيقدمه الحريري ورفض إعطاء أي موقف في شأن موضوع التأليف. وترافق تهيؤ الأطراف لاستشارات الحريري مع الكتل النيابية، وترقب الاتصالات الخارجية الجارية، مع عودة الحرارة الى الاتصالات بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي التقى وفداً نيابياً قيادياً من حركة «أمل» ليل أول من أمس، والذي انتهى الى ضرورة العمل على تسريع تأليف الحكومة. وجاء اللقاء بعد اتصالات ولقاءات بعيدة من الأضواء بين الفريق النيابي لبري وفريق جنبلاط وحوار جرى بين بري وبين وزير الأشغال غازي العريضي، اعتبر فيها فريق جنبلاط أن عدم تسمية كتلة الرئيس بري للحريري في التكليف الثاني كان خطأ نظراً الى مضاعفاته السياسية غير المتناسبة مع السعي الى التهدئة، فيما برر فريق بري الأمر ببعض تصريحات الحريري، وبأن عدم التسمية لا يلغي الاستعداد المفتوح للتعاون مع الحريري وتسهيل مهمته. وإزاء حديث فريق جنبلاط عن أنه لم يلق التجاوب على رغم المواقف التي أخذها في دعوة الأكثرية الى التنازل وتقديم التضحيات أكد فريق بري أن تعليمات الأخير هي الإصرار على استمرار التعاون مع جنبلاط للخروج من أزمة تأليف الحكومة فتقررت زيارة الوفد النيابي – القيادي لحركة «امل» إليه أول من أمس. وعلمت «الحياة» أن جنبلاط وفريقه أكدا أنه سيواصل بذل الجهود من أجل تليين المواقف في شأن تأليف الحكومة «لكن أنتم أيضاً يجب أن تبذلوا جهودكم في هذا الصدد». ووافقه وفد «أمل» على ذلك مؤكداً استعداد بري للعب دور نشط في إطار المعارضة. وذكرت مصادر المجتمعين أن جنبلاط كان واضحاً لجهة قوله إنه لا يمكن الاقتناع بأن العراقيل أمام تأليف الحكومة تتوقف على مطالب عون وأن هذا تغطية لمواقف أخرى مطالباً بري ببذل جهوده مع «حزب الله» الذي يدعم عون وبضرورة أن يقوم الفرقاء اللبنانيون بجهودهم مهما كانت العقبات الخارجية. وكرر جنبلاط مرات عدة أنه غير مقتنع بأن شروط العماد عون تؤخر التأليف لولا وقوف قوى المعارضة وراءه ولا يجوز في كل الأحوال أن تتسبب شروط فريق ما بأخذ البلد الى الفراغ والفوضى، مؤكداً أن مصلحة المقاومة و «حزب الله» هي بأن تسير مؤسسات الدولة في شكل طبيعي وبالتالي في ضرورة تسريع تأليف الحكومة قبل أي شيء. وكان جنبلاط التقى وفداً من الأمانة العامة لقوى 14 آذار واتفقا على ضرورة الاعتدال في الخطاب السياسي وتجنب أشكال التوتر. وصدر عن الأمانة العامة ل14 آذار دعا المعارضة الى التزام الدستور وعدم تكبيل الرئيس المكلّف بالشروط. وأعلن النائب في «حزب الله» حسن فضل الله عن حاجة البلد الى تشكيل حكومة قادرة وفاعلة من خلال الوحدة الوطنية، في أسرع وقت، بعد لقائه الوزير العريضي. أما العريضي فقال: «على الجميع أن يقترب خطوة في اتجاه الآخر» وطالب بعدم وضع شروط تعجيزية وغير مقنعة وغير مبررة تأخذ طابعاً شخصياً من قبل البعض فالبلد لا يمشي على مزاج فلان وغيره. وأي زعيم سياسي في البلد مهما علا شأنه وقوّته لا يحق له ذلك ولا يمكن التلاعب بمصالح الناس. فالسياسة فيها مرونة. وأكد أن الرئيس المكلّف قدم تشكيلة حكومية ذهب فيها الى أقصى الحدود متجاوزاً كل التحالفات التي ينتمي إليها. وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز التقى أمس عون ونقل إليه قلق الأممالمتحدة لعدم الاتفاق على الحكومة الجديدة.