هل من الممكن اعتبار النظام العربي مؤسساً وفق شرعية دستورية؟ إننا نجعل هذا النظام يجمع غالباً بين أكثر من مصدر للشرعية. ويتم ذلك باستثمار الظرف السياسي المحيط، والبيئة الإعلامية المرافقة لهذا الظرف. غالباً ما يشعر النظام السياسي العربي باهتزازه، وربما بعدم أحقيته وشرعيته. وهذا ما يجعله يلجأ إلى العنف المتطرف الذي يكشف اهتراء هذه الشرعية السياسية . لا يمكن النظر إلى شرعية النظام من دون النظر إلى البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأ فيها. ويضاف إلى ذلك مصدر الإيديولوجية الرسمية التي تنتجها الدولة، ولاسيما في الأنظمة التي تختار نموذج الحزب الواحد. إذا انتقلنا إلى النظم السياسية العربية للعمل على تصنيفها وفق هذه المعايير لوجدنا صعوبة حقيقية. إذ ليس هناك جامع يمكن تصنيف الأنظمة العربية على أساسه. ثمة أنظمة ملكية وأخرى جمهورية. إلا أننا نشاهد النظام الملكي وحتى الجمهوري يشهدان تطبيقات عديدة ومتنوعة. ففي النظام الملكي نجد المشيخة والسلطنة والإمارة. ونجد ضمنه اختلافات تتصل بكيفية وصول الأسرة الحاكمة إلى سدة الحكم، وطبيعة تفاعلها مع المواطنين ومع القوى السياسية في الدولة. كما نجد في النظام الجمهوري تطبيقات متعددة من نموذج الحزب الرائد، مع أحزاب عدة صغيرة تصطف من حوله. يكاد يكون من المستحيل اكتشاف معيار تصنيفي موحد لهذه الأنظمة، وهذا ما دعا بعضهم إلى التعامل مع كل نموذج بذاته انطلاقاً من خصوصيته وتمايزه من دون أن يمنعنا ذلك من النظر إلى أوجه التشابه. إلا أننا نجد في النهاية تشابهاً في نمط تداول السلطة لا سيما مع ظهور نوع من الجمهوريات الطويلة الأجل أو شبه الملكية. وهذا ما يجعل الفرق المفترض بين النظامين الملكي والجمهوري في الواقع العربي غير متحقق. وما يحقق التشابهات العملية بين النظامين، رغم الاختلافات النظرية، هو انتماء بعض النظم السياسية العربية إلى بنية متقاربة من حيث سياقها المجتمعي، وذلك في ما يتعلق بتكوينها ومواردها الاقتصادية وثقافتها السياسية. هذه الظروف الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية أتاحت للنظام السياسي العربي فرصة للتحرك داخلياً وخارجياً، إلا أنها في الوقت نفسه فرضت عليه قيوداً مكنت هذه التشابهات من الظهور، وجعلت نقاط الالتقاء واردة عملياً رغم غيابها نظرياً. * كاتب فلسطيني