ليست مشكلة ولا اثنتين ولا ثلاث، تلك التي تعترض أعمال الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. رئيسها محمد الشريف وفي الجلسة العامة التي عقدها مجلس الشورى أمس، بالغ في مصارحة الأعضاء بما يكتنف "الهيئة" من مشكلات، وتحديدا مع الجهات الحكومية غير المتجاوبة. وقال لهم "رغم وجود 4 أوامر ملكية آخرها كان بتاريخ 22 محرم الماضي بأهمية التجاوب مع مخاطبات الهيئة في المدة الزمنية المحددة ب30 يوما، إلا أنه لا يزال كثير من الجهات الحكومية لا يتجاوب مع الهيئة في الوقت المحدد فضلا عن أن إجاباتها لا تغطي كل ما تطلبه الهيئة". وعلق الشريف في جلسة حملت فيها مداخلات الأعضاء "قسوة" تجاه "نزاهة"، الجرس إزاء تأخر البت في قضايا الفساد التي تكتشفها الهيئة سواء أثناء التحقيق أو المحاكمة، مرجعا السبب في ذلك لاختلاط قضايا الفساد مع غيرها من القضايا التي تشتغل بها أجهزة التحقيق، وهو ما دفعه للمطالبة بإنشاء دوائر خاصة بالتحقيق ومثلها للمحاكم في قضايا الفساد. أول أسئلة المواطنين، نقلها رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض الدكتور عبد الله الظفيري، لرئيس مكافحة الفساد، جاء نصه "لماذا تهتم نزاهة بحفرة في شارع ومتابعة استخدام الموظفين لسيارات الحكومة ولا تلتفت للمشروعات الكبرى؟"، وجاءت إجابة الشريف بما نصه "اهتمامنا بالمشاريع الكبيرة يفوق اهتمامنا بالمشاريع الصغيرة.. ولكن هناك إهمال وتسيب في استخدام السيارات الحكومية على سبيل المثال، هذه الصغائر شائعة ونسعى للقضاء عليها.. ولكن هذا لا يشغلنا إطلاقا عن المشاريع الكبيرة". ولخص الشريف عمل هيئة مكافحة الفساد بتاءات ثلاث؛ تتمثل ب"التوعية" و"التثقيف" و"تحديث الأنظمة"، مؤكدا أن العاملين بالهيئة يعتمدون شعار "لا نتحدث أكثر مما نفعل". المفاجأة الكبرى التي نزلت كالصاعقة على أعضاء مجلس الشورى، ما دفع بعضهم للقول بصوت مرتفع "هذا أمر مؤسف جدا"، كانت ما كشف عنه محمد الشريف في سياق حديثه عن الجهات غير المتجاوبة، وقال "رغم مخاطباتنا لهم بتحديد المسؤول عن تأخير المعاملات لإحالته إلى التحقيق، إلا أننا لا نجد أي تجاوب منهم"، مؤكدا دعم "نزاهة" لنشر أسماء الجهات غير المتعاونة مع ما تطلبه الهيئة من معلومات. ونقل رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأعضاء الشورى تصورات بعض الجهات الحكومية التي تعتقد أن "نزاهة" تعمل ضدها. وقال "الحقيقة أننا نعمل معهم لا ضدهم". وعن الطريقة التي تتعامل بها "نزاهة" مع المتراخين بالرد على خطاباتها، قال الشريف إنه يتم معالجة ذلك عبر 3 مسارات، الأول تذكيرهم بالأوامر الملكية الملزمة، الثاني الخطابات التعقيبية، أما الثالث فهو الرفع بقوائم وأسماء الجهات غير المتعاونة مع الهيئة لخادم الحرمين الشريفين. وأبرز رئيس هيئة مكافحة الفساد، معضلة واجهتها "نزاهة" في بداياتها خلال بحثها عن الكفاءات المؤهلة التي تتوافر لديها شروط العمل. وقال "تطلب ذلك البحث من بين آلاف الخريجيين من الجامعات والمعاهد المحلية وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، وكذلك البحث بين ذوي الخبرات المتخصصة في الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات والشركات (..) لطلب الاستعانة بهم عن طريق الإعارة"، فيما أفصح أن كثيرا ما واجهت الهيئة اعتذار معظم الجهات الحكومية لرغبة كل جهة بالمحافظة على الخبرات المتميزة لديها. واستدرك قائلا "لكننا لم نعدم من تعاون معنا في هذا السبيل وإن كانوا قلة". وأوضح محمد الشريف الملابسات التي أحاطت بتأخر مصادقة المملكة على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي وضعتها الأممالمتحدة في العام 2003. وقال "لاحظت الهيئة منذ إنشائها أن المملكة لم تصادق على الاتفاقية وأن هناك لجنة وزارية مكلفة بحصر وتحديد الالتزامات التي ستترتب على المملكة بعد المصادقة وتحديد الجهات التي يقع عليها العبء في ذلك"، لافتا إلى أنه وبعد مكاتبات مع اللجنة صدر قرار من مجلس الوزراء بالمصادقة على الاتفاقية، وقد استكملت الهيئة متابعة تنفيذ إجراءات المصادقة حتى تم إيداع صك المصادقة لدى الأمين العام للأمم المتحدة.