توقع كثيرون أن يخرج الإعلامي الفلسطيني طلعت علوي غير قادر على الكلام، بعد خمسين ساعة متواصلة من الحوارات، أكدت نجاحه وإذاعة «راية أف أم» في مدينة البيرة في تسجيل اسم فلسطين في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية العالمية بأطول حديث إذاعي، أثار فيه قضايا فلسطينية متعددة في 12 محوراً. لكنه كان على عكس ذلك، كأنه استعاد قواه التي خارت بفضل احتضان والدته له، فور الإعلان عن النجاح في الإنجاز، هي التي كانت أول العابرين إلى الاستوديو لتهنّئه. علوي، وفور خروجه إلى المئات من الشخصيات الرسمية الفلسطينية، والإعلاميين والأصدقاء والمحبين، ممن غصت بهم أروقة مقر إذاعة «راية»، أهدى الإنجاز إلى روح والده الشهيد خيري علوي، وإلى «كل أصبع من أصابع يدي والدته، التي لولاها لما كنت على ما أنا عليه الآن»، وإلى كل فلسطيني «يناضل بأي طريقة للتحرر من الاحتلال وظلماته». وما وراء «غينيس» بنكهته الفلسطينية حكايات كثيرة في الكواليس، خرجت بالعديد من المنجزات، وبينها: تعهد الحكومة الفلسطينية تقديم منح ومساعدات لستة آلاف فلسطيني يقطنون في حي تل الرميدة وشارع الشهداء في مدينة الخليل، وهما المنطقتان المنكوبتان بالاستيطان، وتأمين 24 كرسياً متحركاً لذوي الحاجات الخاصة، وتوفير الدعم المالي لترميم منازل لأسر تعيش ظروفاً صعبة خاصة في غزةوالقدس والبلدة القديمة في مدينة نابلس، وتعهد حل معضلات تتعلق بحرية حركة الفلسطينيين على المعبر الفاصل بين الأراضي الفلسطينية والأردن. وعلى رغم الضغط العصبي والإرهاق الجسدي، أصر علوي على تحقيق الإنجاز بدخول بلده موسوعة «غينيس» كونه تحول إلى الحدث الأبرز في فلسطين، وحظي باهتمام الإعلام العربي والعالمي، لذا قاوم كل التعب الذي رافق الخمسين ساعة كي لا يخذل أبناء شعبه ممن التفوا حوله من داخل فلسطين وخارجها. وكشف المدير العام لإذاعة «راية» الفلسطينية سامح حمدان ل «الحياة»، أن الطبيب المخصص لمتابعة حالة علوي تفحصه 14 مرة، وكانت مجمل الفحوص إيجابية، وآخرها عقب انتهائه من تحقيق الإنجاز. وقال: «لم يكن للتعب أو اليأس مجال للتسلل إلى دواخل علوي، خصوصاً أن زيارات أصدقائه من الصحافيين في أوقات متفرقة ليلاً ونهاراً، وتشجيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء ومحافظ رام الله والبيرة ووالدته وغيرهم، كانت تشحنه بمزيد من الإصرار على إكمال المشوار الصعب». وأشار حمدان إلى أن الرعب كان يتملك علوي والفريق المرافق له، ويقدر بخمسين فرداً ما بين عاملين في الإذاعة ومتطوعين، في ساعات ما بعد منتصف الليل، على رغم التنسيق المسبق مع السفارات والمسؤولين عن الجاليات الفلسطينية في الخارج، لكن الأمور تمت على ما يرام، وكان التفاعل من الفلسطينيين في الشتات كبيراً. وانطلق تحدي «غينيس» ظهر الاثنين الماضي، واختتم في الثانية من مساء الأربعاء، تحت شعار «من فلسطين رسالة الإعلام إلى العالم»، مناقشاً محاور محلية وأخرى تهدف إلى نقل المعاناة الفلسطينية إلى العالم، على رأسها: تهويد القدس، إعمار غزة، قضية الأسرى، ذوو الحاجات الخاصة، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حرية الحرية للفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، وغيرها من المحاور على مدار خمسين ساعة تجاوز من خلالها علوي الرقم العالمي السابق لأطول حديث إذاعي، وكان مسجلاً باسم الإعلامية اللبنانية ريما نجيم (46 ساعة متواصلة.