غداة استقالة حكومة علي العريض، كلّف رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي مساء أمس، رسمياً وزير الصناعة السابق مهدي جمعة تشكيل «حكومة الكفاءات» المحايدة، لتتجاوز بذلك البلاد فصلاً من فصول أزمة سياسية تواصلت منذ أكثر من خمسة أشهر إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي. وسيقدم رئيس الحكومة المكلَّف مهدي جمعة حكومته في مهلة أقصاها أسبوعين، وفق ما ينص عليه التنظيم الموقت للسلطة (الإعلان الدستوري). وكان مجلس الحوار الوطني، الذي رشح جمعة لرئاسة الوزراء، حدد منتصف الشهر الجاري كحد أقصى للانتهاء من المصادقة على الدستور الجديد وتشكيل حكومة الكفاءات العتيدة. ويعتبر خروج العريض من الحكم في تونس، بمثابة ثاني خروج للإسلاميين من السلطة بعد «الربيع العربي»، في وقت يرى مراقبون أن «النهضة» تجنبت مصير حركة «الإخوان المسلمين» في مصر وضمنت بقاء تنظيمها على الخارطة السياسية في البلاد. وفي سياق متصل، أكد رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي أن تونس تشهد عملية انتقال سلمي للسلطة نادرة من نوعها وفقاً لشرعية توافقية بين الفرقاء السياسيين، مشدداً على أن العريض «قام بواجبه في ضمان الحريات واستمرارية الدولة واستجاب لتعهداته باحترام خارطة الطريق». وواصل المجلس التأسيسي المصادقة على فصول مشروع الدستور الجديد. وباشر النواب بالمصادقة على باب السلطة التشريعية الذي يحدد سلطات المجلس النيابي المقبل وعلاقته بالحكومة ورئاسة الجمهورية. وأكد رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر تقدم عملية المصادقة على الدستور معرباً عن أمله في أن يكون الدستور هدية إلى الشعب التونسي لمناسبة الذكرى الثالثة لسقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وأوضح بن جعفر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ستبدأ بالتحضير للانتخابات المقبلة المتوقع اجراؤها في غضون العام الجاري. من جهة أخرى، عاد الهدوء تدريجاً إلى محافظات القصرين وقابس وسيدي بوزيد وجندوبة والتي شهدت احتجاجات دامت أكثر من خمسة أيام احتجاجاً على الضرائب التي فرضتها الحكومة على السيارات والعربات الزراعية وذلك بعد إعلان العريض تعليق العمل بالضرائب الجديدة. وأكّد الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي أن أعمال الشغب والعنف في القصرين أسفرت عن إصابة أكثر من 60 عنصراً أمنياً، حال بعضهم خطرة، إضافةً إلى حرق 4 سيارات أمنية وحرق منطقة الأمن في فريانة، ونهب مصرف في المدينة ذاتها والاعتداء على بلدية ومقر للشركة التونسية للكهرباء والغاز ومقر للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.