بدأت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي محادثات في جنيف أمس، لوضع آلية لتنفيذ الاتفاق الذي أبرمه الجانبان في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وسط معلومات عن خلافات على مساعي طهران لتعزيز قدراتها في تخصيب اليورانيوم. وقبل ساعات من جلسة المحادثات في جنيف، شنّ مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي هجوماً عنيفاً على الولاياتالمتحدة، إذ اعتبر أن «إحدى بركات التفاوض مع الغرب، تكمن في انكشاف مدى عداء أميركا لإيران». في الوقت ذاته، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني، تطبيق اتفاق جنيف. ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن بوتين «حرصه على العمل لإضفاء طابع استراتيجي على العلاقات» بين موسكووطهران. في المقابل، أمل روحاني بأن «تقوم دول تبحث عن ذرائع وتوجِد عراقيل في طريق المفاوضات، باحترام تعهداتها والامتناع عن (فرض) قيود تعني ابتعادها عن حسن النيات التي أبدتها في البداية». واعتبر أن «الدور الإيجابي» لروسيا يتيح «الإسراع» في إبرام اتفاق نهائي بين الجانبين. وتجري محادثات جنيف بين عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، وهيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. وأعلنت واشنطن أن ويندي شيرمان، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، ستكون أيضاً في جنيف، علماً أن عراقجي لم يستبعد عقد «لقاء ثلاثي» في العاصمة السويسرية. وينص اتفاق جنيف على أن تخصّب إيران اليورانيوم بنسبة 5 في المئة فقط، ووقف تخصيبه بنسبة 20 في المئة، ومراقبة مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بتلك النسبة. ويتيح الاتفاق لإيران متابعة البحوث والتطوير في التخصيب. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولَين غربيَين، إن إيران تفسّر هذه النقطة بأنها تتيح لها متابعة التخصيب بنسبة 20 في المئة في منشأة ناتانز للبحث والتطوير جنوبطهران. وأضافا أن المفاوضين الإيرانيين أشاروا إلى أن بلادهم لن تزيد مخزونها من اليورانيوم المخصب بتلك النسبة، ذلك أن أي كمية تنتج في المنشأة ستخضع لمراقبة فورية. لكن الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) تشدد على أن اتفاق جنيف يمنع كل تخصيب يزيد على 5 في المئة، ولو للبحث والتطوير. كما عارضت الدول الست إعلان طهران أنها ركّبت في ناتانز أجهزة طرد مركزي حديثة، بعد إبرام الاتفاق، إذ وضعت الأمر في إطار حقها في البحث والتطوير. لكن الدول الست رأت في الأمر انتهاكاً للاتفاق. ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسيين قولهم إن أجهزة الطرد المركزي «حجر عثرة» في المحادثات مع إيران، مشددين على أن اتفاق جنيف يمنعها من «تركيب أجهزة طرد جديدة، إلا ما يلزم لتجديد ما يُستهلك». لكن الوكالة نسبت إلى ديبلوماسي غربي بارز قوله إن المحادثات حققت «تقدماً جيداً جداً»، ما قد يتيح بدء تنفيذ الاتفاق في 20 من الشهر الجاري. في غضون ذلك، قال خامنئي إن «الأعداء يتحدثون الآن وكأن الشعب الإيراني رفع يديه واستسلم اثر ضغوط العقوبات، لكنهم مخطئون لأن هذا الشعب لا يستسلم». وأضاف: «أعلنا سابقاً أننا إذا رأينا مصلحة في قضايا خاصة، نتفاوض مع الشيطان (أميركا) لدرء شره وتسوية المشكلة، لكن ذلك لا يعني أبداً عجز الشعب الإيراني». واعتبر أن «إحدى بركات التفاوض مع الغرب، تكمن في كشف الوجه الحقيقي لأميركا ومدى عدائها لإيران وحقدها الدفين ضد الشعوب المسلمة. وهذا كان ملموساً للجميع، في لهجة المسؤولين الأميركيين وتصريحاتهم في الأسابيع الأخيرة». وكرر نصيحته للمسؤولين الإيرانيين بضرورة «معرفة جبهة العدو والامتناع عن الانخداع بابتسامته»، كما حضهم على «الاعتماد على إمكانات الداخل لتسوية مشكلات البلاد، وعدم التعويل على الخارج».