فرحان، مضطرب، مكتئب، مشغول، مهموم؟ أدخُل إلى موقع «فايسبوك». وعبّر عما في داخلك، وانسَ همومك. وتابع تعليقات أصدقائك وغيرهم. هكذا أصبحت المواقع الاجتماعية على الإنترنت صفحة عملاقة لنزف المشاعر الفرديّة والجماعيّة، من دون حرج ولا تكلّف. ولا يتقن الجميع التعبير عن المشاعر بكلمات يخطّونها عبر «فايسبوك». لذا، طوّرت هذه الشبكة طُرُق عملها بهدف زيادة قدرتها على تلبية حاجة مرتاديها إلى التعبير عن الحال النفسيّة عبر أيقونات تعبّر عن العواطف، تسمّى «إيموتيكونز» Emoticons. وأضاف «فايسبوك» إلى ال «إيموتيكونز» الشائعة، أيقونة جديدة توفر إمكان التعبير عما يفعله الشخص آنيّاً. وبات من المستطاع إضافة «إيموتيكونز» يعبّر عن المطالعة أو وجود الشخص في العمل أو أنه يتناول القهوة وغيرها. وعند الضغط على الخيار الذي ترغب فيه، تظهر نافذة تحوي مزيداً من التفاصيل عن النشاط الذي تمارسه عبر «فايسبوك». ومثلاً، إذا اخترت أنك تشاهد أحد الأفلام، تظهر قائمة بصفحات الأفلام وبمجرد كتابة الحروف الأولى ستظهر لك صفحة الفيلم الذي تشاهده. بدأت هذه الميّزة في العام 2013 في الولاياتالمتحدة. ثم انتشرت عالميّاً مع إطلالة هذه السنة. ولم يتنبّه كثير من مرتادي «فايسبوك» من المصريين لهذا التطور، لكنهم نجحوا في التعبير عن حالهم نفسيّاً ومشاعرهم العاطفيّة بأساليب متنوّعة عبر الاستعانة ب «غوغل» للعثور على «إيموتيكونز» تتناسب مع مشاعرهم. ويبدو أن ما يمكن وصفه ب «نزف المشاعر» أصبح منتشراً. ومن يعاني حالاً عاطفيّة معيّنة «يشكو أمره» إلى «فايسبوك»، وسرعان ما تنهال عليه التعليقات وإشارات الموافقة («لايك» Like)، ما ربما يشعره بأنه ليس وحيداً. حكماء «فايسبوك» وتحدّثت «الحياة» إلى بعضٍ ممن يعيشون هذه التجربة. وأشارت نهلة إلى أنها كانت تتعجب «من بعض زملائي في الجامعة الذين يظهرون انطوائيين نسبياً ولا يجيدون التعبير وجهاً لوجه، وإذا بهم يتحوّلون على «فايسبوك» حكماء زمانهم، بل يتقنون التعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم. ولكني سرعان ما اكتشفت أنهم استعانوا بمجموعات «فايسبوكيّة» متخصّصة لاقتباس نصوص مؤثّرة». في هذا الصدد، أوردت سلوى أن زميلاتها في المدرسة «كُنّ يرفعن كل ما يشعرن به على «فايسبوك». وأصبحت أتعرّف إلى أخبارهن أولاً بأول من هذا الموقع الاجتماعي، خصوصاً أخبار العلاقات العاطفية. لاحظت أيضاً وجود مجموعات «فايسبوكيّة» كثيرة لها طابع رومانسي، وتتبادل صوراً وعبارات تعبّر عن حالات عاطفيّة شتى». وكذلك أكّد شادي أنه وقع في أزمة مع خطيبته عندما وضَعَت على «فايسبوك» وجهاً يعبّر عن الحزن وذيلته بعبارات تحكي إحباطها ممن تحبه وعدم شعورها بالأمان معه. وما زاد حدّة أزمته أن عدداً كبيراً من أصدقائهما كتب تعليقات تلومه. ولذا، رأى شادي أن التسّرع في تعبير الشباب عن مشاعرهم على «فايسبوك» ربما كان مدخلاً لمشاكل لا حدّ لها! في المقابل، أشارت إنجي (طالبة جامعيّة) إلى أهميّة تطوّر أشكال التعبير الذاتي على المواقع الاجتماعيّة. وقالت: «كثير من الأزمات النفسيّة يأتي من كتمان المشاعر والشعور بالوحدة».