بكت ساراييفو الثلثاء «العم ميسو» آخر ماسح أحذية فيها، الذي توفي عن 83 عاماً بعدما مارس هذه المهنة لأكثر من 60 عاماً وأصبح رمزاً للعاصمة البوسنيّة. كان كيكا ميسو يرتدي بزة وقميصاً أبيض ويتّجه يومياً إلى جادة تيتو الرئيسية في ساراييفو حتى خلال حصار المدينة والقصف الذي تعرضت له بين 1992 و1995 من القوات الصربية. ووُضع كرسي خشبي في المكان نفسه مع صورة له بشاربيه اللذين غزاهما الشيب وعينين حزينتين تعلوهما نظارتان. وقد تُركت بعض الورود على الكرسي وشموع وحذاء على الرصيف. وميسو من غجر الروما في كوسوفو، انتقل إلى ساراييفو بعد الحرب العالمية الثانية في الخامسة عشرة، اسمه الأصلي حسين حساني، لكن مدربه في الملاكمة مجري لم يكن يحسن لفظ اسمه فكان يناديه «ميسو». وفي سن الحادية والعشرين، خلف والده ليصبح أشهر ماسح أحذية في ساراييفو والوحيد في السنوات الأخيرة. وروى ميسو في وثائقي عن حياته: «في الفترة التي باشرت فيها عملي كان هناك ماسح أحذية في كل شارع تقريباً. أما الآن فأنا وحدي وأنا الأخير. لمَ الأخير؟ لأني شجاع ولأن نكاتي تضحك الجميع. لكن منذ وفاة زوجتي، توفيت أنا أيضاً». وفي صباح كل يوم خلال الحرب، كان يجلس أمام واجهة مطعم مهجور وسط الركام والأنقاض، وكانت تأتي كلاب شاردة لتجلس إلى جانبه ويقدم لها الطعام، كما تذكر الممرضة المتقاعدة ألبينا كوركوفيتش. وتقول: «كان فألاً حسناً للمدينة ورمزاً لساراييفو خلال الحرب. عندما كنا نراه هنا في شارع تيتو بعد جحيم القصف خلال الليل، كنا ندرك أننا صمدنا يوماً إضافياً». وأكد رئيس بلدية ساراييفو إيفو كومسيتش، أن ميسو سيبقى «رمزاً دائماً» للعاصمة البوسنية حيث عاش أكثر من سبعة عقود في ساراييفو. وحصل ميسو العام 2009 على وسام من بلدية المدينة وشقة ومعاش تقاعدي. وأعلن هذا النبأ السار أمام زبائنه وقد اغرَورقت عيناه بالدموع. وكان قبل ذلك بسنوات قليلة فقد زوجته المقدونية التي تعرف إليها في شبابه وأنجب منها ابنة. وكان يقول قبل موته بفترة قصيرة: «بات الناس عندما يضعون أقدامهم على العلبة المعدنية أمامي يقولون لي أنت أسطورة فلماذا لا تتوقف عن مسح الأحذية؟ فأجيبهم لأن هذه المهنة دخلت روحي. أريد أن أموت على هذا الكرسي».