تعالوا نتخيل، ماذا لو طبقنا الآن آخر أفكار واقتراحات وإبداعات جوزيف بلاتر العجيبة على الدوريين السعودي والإماراتي؟ لماذا هاتان البطولتان على وجه التحديد؟ لأنهما الأكثر سخونة وضجيجاً اليوم من غيرهما على ساحة التحكيم، أما الاقتراح الذي أعنيه فهو القاضي بمعاقبة اللاعب المتحايل على الحكم للحصول على ركلة جزاء باحتساب الحكم لركلة جزاء أخرى فورية على فريق اللاعب المدعي! عفواً يا «ريس».. اقتراحك قمة البلاهة والغباء! نظرة الحكم إلى ادعاء اللاعب من عدمه واتخاذ القرار، هي عملية تقديرية في المقام الأول، وكم هي كثيرة الحالات التي تعرض فيها لاعب لإعاقة أو عرقلة عن حق، ونال إنذاراً ظالماً من الحكم، وكأن عدم حصوله على ركلة الجزاء لا يكفيه، حتى يأتي السيد الرئيس ليضاعف الظلم بسيف العدالة ويمنح الخصم ركلة جزاء كهدية إضافية! وحتى لو تم السماح للحكم بالاستعانة بالفيديو قبل اتخاذ قراره، وثبت أن اللاعب تحايل بالفعل، فليس من العدل أن يكون العقاب احتساب ركلة جزاء مضادة! يمكن أن يتم مثلاً تشديد العقوبة الحالية للاعب المتحايل لتصبح مثلاً كرتاً أحمر بدلاً من الأصفر الحالي، وإن كنت شخصياً ضد هذا التصعيد، لكن لا يمكن أن أتخيل على الإطلاق أن تكون العقوبة بمثل هذه الدرجة التي يريدها السيد الرئيس. الهدف من اقتراح بلاتر بالتأكيد هو القضاء على ظاهرة «تمثيل» اللاعبين في منطقة جزاء الخصم لغش الحكم والفوز بركلة جزاء، لكن هل هذه المسألة تعد مشكلة حقيقية تواجه اللعبة حتى تفرض علينا تعديل القانون بهذه الصورة الهزلية التي من المؤكد أن كوارثها ستكون أكثر من فوائدها. قائمة أولويات مشكلات اللعبة اليوم التي بحاجة إلى معالجتها عدة، وإحداها هو الحكم نفسه، الذي أصبح في حاجة منا إلى الشفقة وتفهم الأجواء والضغوط التي يعانيها في ظل النقل التلفزيوني الذي يتم اليوم أحياناً ب40 كاميرا أو أكثر، فلا تترك أية هفوة إلا ورصدتها. مازلت أتذكر الإيطالي بيرلويجي كولينا أحد أشهر حكام العالم عبر تاريخ اللعبة، وهو يشتكي قائلاً: «لا أملك سوى كاميرتين، وتريدني أن أتابع المباراة كمن يملك 40 كاميرا»! وكولينا هنا يقصد عينيه بطيعة الحال اللتين قال عنهما أيضاً: «وفي بعض الأحيان تتسرب مياه العرق أو الأمطار إليهما، فيصيبهما عطل مفاجئ للحظات، لا أدري ماذا حدث أثناءها؟». اقتراح بلاتر الذي لا أتصور أنه سيتم تطبيقه، سيزيد الطين بلة، وسيضع الحكم تحت ضغط إضافي لا يطاق قد يتسبب في ثورة اللاعبين والجماهير عليه، واتهامه بالتواطؤ والرشوة، ومن المؤكد أن اقتراح بلاتر سيزيد من نسبة عدد الحكام الذين يخرجون مباشرة من الملعب إلى المستشفى! ربما هذه هي إثارة اللعبة التي يبحث عنها بلاتر بأفكاره واقتراحاته العجيبة التي تصدر عنه بين الحين والأخر، مثل اقتراحه المثير للجدل والغرائز الذي طالب فيه اللاعبات بأن يرتدين شورتاً قصيراً ضيقاً ساخناً إذا أردن جذب مزيد من أنظار الجماهير إلى لعبتهم! وإذا أراد بلاتر مزيداً من الاقتراحات التي على شاكلة أفكاره غير التقليدية، فأقترح عليه مثلاً أن يأتوا برئيس النادي الذي تحايل لاعبه على الحكم، وينزلوا به من المقصورة إلى الملعب و«يمدوه» على قدميه لأنه لم يعرف كيف يربي لاعبيه! ومن لا يعرف كيف يربي لاعبيه.. بلاتر يربيه! [email protected]