يمثل رجل الأعمال اللبناني الموقوف بتهمة الإفلاس الاحتيالي والمراباة صلاح عز الدين غداً امام قاضي التحقيق الأول في بعبدا جان فرنيني لاستجوابه في شأن الشيكات الشخصية المحررة باسمه من دون رصيد وتجاوزت ال60 شيكاً اعطاها لمودعين. وكان تبين من التحقيقات التي تجرى مع عز الدين انه استثمر اموالاً في مضاربات بالذهب والمعادن والغاز والماس والنفط وخسر مبالغ كبيرة جداً، ويتركز التحقيق معه حول كيفية تحويله للأموال التي استثمرها، وإذ يقول انها اموال موضوعة في مصارف خارج لبنان، فإنه يقدر حجم خسائره ب 200 مليون دولار في الجزائر وحدها وذلك من ضمن خسائر لم يفصح عن كيفية وصولها الى خارج لبنان وكيفية تأمين هذه المبالغ. وتشير المعلومات الى ان عز الدين وقبل نحو ثلاثة اشهر ونصف الشهر فتح حساباً في احد فروع مصرف محلي في لبنان، وراح يودع يومياً مليون دولار بشكل نقدي ولمدة 11 يوماً، اي ان المبلغ وصل الى 11 مليون دولار، وتمكن من الحصول على دفتر شيكات باسمه الشخصي، وفي هذا الوقت حول المبلغ الى حساب احدى الشركات في قطر بواسطة حوالة مصرفية، ولم يبق في الإيداع سوى فوائد المبلغ التي لا يتعدى مجموعها 1500 دولار، وراح يحرر شيكات بعشرات الألوف من الدولارات للدائنين الذين راحوا يلحون عليه مطالبينه بأموالهم، ويتداول الدائنون انه فعل ذلك بدافع الإثبات ان لهؤلاء بذمته اموالاً. وتبين ان بين هذه الشيكات واحداً محرراً باسم النائب حسين الحاج حسن الذي كان ادعى على عز الدين امام القضاء. ويتم التداول بين الدائنين الصغار ان ثمة تعويضات ستدفع لهم بما مجموعه نحو 20 مليون دولار. وأثارت وكالة «رويترز» قضية عز الدين من خلال لقاء عدد من المستثمرين الذين، وبحسب الوكالة، يصعب عليهم التصديق «أن هذا المحسن يمكن أن يكون احتال عليهم ليستولي على 500 مليون دولار على الأقل وهو مبلغ تافه اذا قورن بمبلغ 65 بليون دولار استولى عليه المحتال الأميركي برنارد مادوف لكن ما فاقمه هو صلته ب «حزب الله» الذي يعتبره أنصاره غير قابل للفساد». ويقول فؤاد العجمي (36 سنة) وهو مالك مصنع للصلب من قرية طورا في جنوب لبنان عن اتهامات الاحتيال التي وجهت لعز الدين والموقوف الآن في سجن رومية: «كل من يقول إنه لص فذلك تقويم غير صحيح، كان فاعلاً للخير وربما يكون تعرض لانتكاسة مالية... وربما أنشأ استثمارات وهمية لتغطية خسائره لأنه لم يرد أن يظهر هذا». ويشير العجمي الى انه «كان يحصل من عز الدين في البداية على عائدات قيمتها 30 في المئة سنوياً»، ومن بين الأوراق القليلة التي احتفظ بها شيكان قيمتهما مجتمعين 675500 دولار ارتجعا وطبعت عليهما كلمة «لاغ» باللون الأحمر. ويقول إنه هو شخصياً خسر اكثر من 500 الف دولار مع عز الدين الذي تشمل ممتلكاته شركة سياحة كانت تنظم رحلات للحج. وقال العجمي: «الناس كانوا يضعون اموالهم معه لأنه كان يرتدي عباءة حزب الله». وكانت هذه الصلة مصدر إحراج سياسي ما اضطر (الأمين العام للحزب) السيد حسن نصر الله الى معالجة القضية، وهو نفى اي صلة رسمية برجل المال لكنه وعد بإنشاء مركز لمعالجة الأزمة لتقويم اوضاع المتضررين. ونقلت وسائل إعلام محلية عن نصر الله قوله إن «حزب الله» هو احد المتأثرين بالأزمة لكنه لن يترك الناس ليواجهوا مصائرهم وأضاف أن الحزب يخلق مناخاً سيحميهم مالياً وسياسياً وحتى اقتصادياً. وربما يكون هذا السبب وراء عدم رفع الكثير من المستثمرين المخدوعين حتى الآن على الأقل دعاوى قضائية ضد عز الدين وشريكه يوسف فاعور. وقال العجمي إنه استثمر 90 الف دولار في البداية بعد حرب العام 2006 «كنت أتلقى كل شهرين شيكاً قيمته 4950 دولاراً... ثم أخبرنا وكيله عن الاستثمار في منجم ذهب ايراني وهو ما سيضمن أرباحاً تتراوح بين 20 و25 في المئة في غضون مئة يوم. في 22 آب/اغسطس أعطيته 50 الف دولار وأعطاه صديقي 200 الف دولار». وألقي القبض على عز الدين بعد ذلك بفترة قصيرة. وأضاف العجمي قائلاً: «صدمت. قضيت الساعات الأربع والعشرين الأولى وأنا اضحك من دون أن استطيع السيطرة على نفسي، كان يعتبرنا الناس محترمين... الآن يعتقد بائع البصل اننا حمقى. نحن مفلسون. اضطررت لرهن بعض ممتلكاتي لأرد للناس اموالهم». ويطل قصر عز الدين الواقع على قمة تل وتحيطه الأشجار على حقول بلدة معروب الخصبة. ويؤدي طريق خاص حلزوني الى فيلا ضخمة هي خالية الآن الا من مصطفى البواب الذي يرعى الدجاج والحمام والطيور والخيول وأحد طيور الفلامنكو. ويقول مصطفى إن كل الأبواب الداخلية للقصر مغلقة بالشمع الأحمر. ويشهد رئيس بلدية معروب حسين فنيش لسمعة عز الدين لكنه قال: «إن معروب تأثرت بالأزمة بشدة اذ خسرت خمسة ملايين دولار، وعودتها الى طبيعتها ستستغرق عامين». وقال كمال شور الذي خسر هو وأبناؤه الثلاثة 1.03 مليون دولار إنه لم يفكر قط في التحقيق في امر الاستثمارات التي دفعوا الى الاعتقاد بأن بعضها في افريقيا او البرازيل بسبب «امانة ونزاهة» عز الدين. وهو يعتقد «أن هناك مؤامرة اكبر وراء نهاية عز الدين من قبل الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) واللوبي الصهيوني».