الإرادة تصنع كل شيء، والطاقات السعودية لا تقل عن أي طاقات قريبة أو بعيدة، تقصيرنا يتربع في أننا نقرأ نجاحاتها متأخرين أو بخجل، وإلا فالنجاح لا يصلح أن يكون له اسم غير النجاح، والإبداع حالة مستقلة لا يرتقي عليها سوى النبوغ والإعجاز، وتخيلوا أن كل ذلك يحدث لأبنائنا وهم يمثلون السعودية في محفل دولي مبهر. في المسابقة العالمية للرياضيات الذهنية التي أقيمت في هونغ كونغ شارك وطني بمنتخب أجمل ما يطلق عليه «منتخب الخوارزمي الصغير»، حصد من خلاله هذا المنتخب النابغ المركزين الثاني والثالث وهو الذي شارك ب 17 طالباً مثلوا وطنهم الولَّاد ضمن 500 طالب ينتمون إلى 14 دولة في العالم. فتشت عن أخبار محلية تتناول هذا التتويج وتقدم الموهوبين بالكلمة والصورة وتُعلمنا خريطة طريقهم والخطوات التي من خلالها عبروا إلى هذه المنصة العالمية، الأخبار الفقيرة لم تتجاوز أصابع اليدين، واعتمدت في بعضها على فن القص واللصق من مصدر واحد، ومعظمها يكتب لفائز دون آخر أو بمعلومة ناقصة أو مجتزأة من سطر عابر. أذهب - برفقتكم - للأسماء التي تتوافر بين يدي، وليته وجدت في وزارة التربية والتعليم قائمة بالمشاركين حتى بعد عودتهم، ولتعتبرهم منتخبنا التعليمي للناشئين، لن نطالب بأن يفوز كل أعضاء المنتخب، لكن لنعبر ولو من باب المجاملة على أسمائهم حفظاً للتاريخ والمكان والزمان، فتاة جازان «شروق حمد محنشي» تمكنت ذهنياً من حل 40 مسألة رياضية في دقيقة وعشرين ثانية، وفتاة الرياض «هيا عبدالله آل حسين» تحقق المركز الثالث في المسابقة ذاتها، بينما حلّ فتى حفر الباطن جمعان حمود المريخي المسائل الرياضية ذاتها في نحو ثلاث دقائق محققاً في قولٍ أول المركز الثاني، وفي قول آخر المركز الثالث، وأنا أتحدث وفق ما يتوافر لديّ من معلومات أحسبها أقرب إلى الدقة ولا تعنيني المراكز قدر ما أنا مستغرب من ألا تتوافر لدى من يعنيهم هؤلاء الطلاب معلومة صريحة شفافة وواضحة دقيقة، لكن هذا الاستغراب يذوب حين أعرف أن وزارة التربية والتعليم مشغولة حالياً بكثير من عمليات إعادة التهيئة والترتيب، ولا أظن بتغليب حسن الظن أن وزيرها الجديد عاشق الإبداع لم يهاتف النجوم السعوديين الثلاثة على الأقل. شروق معجزتنا السعودية بحق، وهيا تليها في النجومية، أما جمعان فهو نجم أشجعه أو أشد على يديه لأنه يحضر من محافظة لا تزال تفتش عن جامعة تحتضن أبناءها وتحتويهم، وكم من جمعان غابت نجوميته لأن الجامعة لم تكن قريبة منه، مهمتنا المقبلة أن نهتم ونتابع ونقف ونسند ونساند ونطمئن على «شروق وهيا وجمعان» وبقية منتخبنا الخوارزمي المشرف، هذا أقل ما يمكن تقديمه لهم، فهم ثروة حقيقية، وكنز تتباهى به دول محترفة في صناعة وقيادة النبوغ والعقول الرائدة، اذكروا الرب عليهم وتأكدوا أن بين يدينا مثلهم لكننا هزمناهم من الداخل ولم نؤمن بهم للحظة واحدة. [email protected] alialqassmi@