تعيش إيمان صراعاً يترجم تباعداً واضحاً بين ما ترغب فيه وما تفعله، فهي شديدة التعلق بأهل الخير والصلاح، لكنها لا تستطيع أن تكون منهم أو تطبق ما يأمرها به الشرع - كما تقول -. لذلك هي تردد كثيراً «أحب الصالحين ولست منهم»، وتضع تلك العبارة في حسابها على «تويتر» للتعريف بشخصيتها. تغرّد بالموسيقى، وتستخدم ل«بروفايلها» صوراً لفنانات شبه عاريات، لكن يومها «التويتري» لا يمر من دون «نصائحها» لغير المحجبات بالتزام الحجاب الشرعي... تجدها في أي نقاش بين المغردين عن الموسيقى، تاركة تعليقاً على غرار: «الموسيقى حرام»، هذا «التناقض» يثير دهشة المستخدمين واستغرابهم، ويدفعهم للتعامل معها غالباً إما بتحقيرها أو اللجوء إلى «الحظر». وبما أن النهي عن أمر والإتيان بمثله عار عظيم، فإنه كذلك يدل على شخصية غير سوية، على ما تؤكده الاختصاصية النفسية منى يوسف: «ما يدفع شخصاً لهذا الأمر هو اختلال في انسجامه وتناغمه الداخلي، بل هو انعكاس لصراع واضطراب ينعكس في هذا السلوك». وتضيف: «قد يكون يشعر بالنقص والدونية، أو بأنه منزه عن الخطأ ولديه غرور، والنظرة المتطرفة هذه تخلق حالاً من الاضطراب الداخلي، تظهر في هذا السلوك». وتؤكد يوسف أن نظرة الشخص المصاب بذلك إلى الآخرين، «تتأثر بنظرته لنفسه، وقد تكون نظرة عدوانية يحركها الحسد أو تفريغ الغضب الذي سببته حال عدم الرضا عن النفس». ويقابل الشخصية غير السوية من منظور نفسي، دافع ديني، يجعل البعض يتخذ العبارة «أحب الصالحين ولست منهم» أسلوب حياة. ويرى عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور محمد النجيمي في الأمر جانباً إيجابياً، «لأن الإنسان إذا أحب قوماً حُشر معهم، ولكن ذلك مشروط بألا يجاهر الشخص المعني بمعاصيه، ويجاهد نفسه بأن يطبق ما يقوله وينصح به الناس، معتبرًا أن من «يأخذها أسلوب حياة يسيء للإسلام وينفّر منه، وستنطبق عليه الآية: «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون». والحديث الصحيح: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان، ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه»، خصوصاً إن كان من أهل العلم. ويصف ما يقوم به «المغردون» بهذه الطريقة ب«المهاجمين الذين يزعجون الآخرين وهم يجاهرون بمعاصيهم». أما التعامل مع الأشخاص المصابين بهذا النوع من الانفصام فيختلف بحسب مدى قرب الشخص منا واضطرارنا للتعامل معه، سواء في العمل أم غيره. وتقول يوسف في هذا السياق: «إذا كان الشخص قريباً لنا ونضطر للتعامل معه باستمرار، نحتاج إلى توجيه رد عقلاني، يظهر حقائق الأمور ويوضح ارتكابه السلوك، إضافة إلى ذلك لا بد من وضع حدود له وعدم السماح له بالتمادي مرة أخرى»، مشيرة إلى أهمية الرد بعبارات مثل: «أنا مسؤول عن تصرفاتي ولن أسمح لك بالتدخل»، بحيث تصدمه لردعه. وتضيف يوسف: «أما إذا كانت الشخصية لا نرتبط بها وغريبة عنا، فالأفضل تجاهلها»، معللة ذلك بأن «غالبية هؤلاء الناس لا يؤثر معهم الرد المباشر، ومثل ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أفضل حل هو حظرهم».