أكدت تقارير صحافية إسرائيلية متطابقة أمس، أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أرجأ الإعلان عن بناء 1400 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدس المحتلتين، الذي كان مفترضاً يوم الثلثاء الماضي بالتزامن مع الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين، إلى ما بعد انتهاء زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة الأحد المقبل. في غضون ذلك، ترأس وزير الداخلية القطب في «ليكود» الحاكم جدعون ساعر احتفالاً لوضع حجر الأساس لإقامة حي استيطاني جديد في مستوطنة «جيتيت» في غور الأردن المحتل، معلناً أن «إسرائيل من دون غور الأردن ستكون دولة بلا عمق استراتيجي». وكان كيري وصل إلى تل أبيب أمس والتقى نتانياهو مساءً، في ظل تسريبات من أوساط الأخير بأنه تحدث إلى وزير البناء والإسكان أوري أريئل وطلب منه عدم نشر مناقصات لبناء الوحدات السكنية ال1400 التي اتفق حولها إلى حين انتهاء زيارة كيري. ووفقاً لهذه الأوساط فإن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ضغطا على نتانياهو لعدم الإعلان عن البناء الجديد يوم الإفراج عن الأسرى تحسباً لتفجر المفاوضات مع الفلسطينيين عشية وصول كيري إلى المنطقة، مضيفةً أن لا مغزىً فعلياً للتأجيل «والأهم أن إسرائيل لا تنحني أمام الضغوط إنما تواصل البناء وفقاً للتفاهمات التي تمت عشية استئناف المفاوضات الصيف الماضي بإرفاق كل إفراج عن الأسرى بإعلان بناء جديد في المستوطنات». من جهته قال الأمين العام لحركة «سلام الآن» يريف اوبنهايمر إن تأجيل الإعلان عن البناء يؤكد أن نتانياهو مدرك للضرر السياسي الذي يسببه البناء الجديد «وهذا الضرر لن يكون أقل بعد مغادرة كيري المنطقة». إلى ذلك، توقعت الأوساط السياسية أن يخوض كيري في لقاءاته مع كل من نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مسودة «اتفاق الإطار» لمواصلة المفاوضات الذي يتضمن مبادئ لحل القضايا الجوهرية في الصراع: الحدود والأمن واللاجئين والقدس، مضيفة أن هذا الاتفاق سيكون بمثابة «ورقة موقف» أو خريطة طريق تتيح تمديد فترة المفاوضات إلى ما بعد نيسان (أبريل) المقبل بعام أو نصف عام على ألأقل»، وهو ما يرغب به نتانياهو. وتابعت أن الأميركيين معنيون بأن يشمل الاقتراح تحفظات كل من الطرفين على مضمونه، وأنه لن تتم مطالبة نتانياهو وعباس بالتوقيع على الاتفاق. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنه لن يتم نشر الاقتراح على الملأ، لتفادي ضغوط سياسية داخلية على كل من نتانياهو وعباس، مضيفين أن الحديث لا يدور عن اتفاق مرحلي «الغرض منه رسم الهدف النهائي للمفاوضات»، وأن الولاياتالمتحدة لن تفرضه على الجانبين. وبحسب التقارير الصحافية، فإن الوثيقة تتطرق إلى حدود العام 1967 مع تبادل أراضٍ، وإلى أن تكون القدس عاصمة للدولتين، واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية «ما يضمن عدم غمر إسرائيل باللاجئين الفلسطينيين». كما ستشير الورقة إلى «وجود عسكري إسرائيلي في الغور لوقت محدد»، وإلى إنهاء المطالب ونهائية الصراع. وتابعت الصحيفة أن الأميركيين خفضوا توقعاتهم عشية وصول كيري إلى المنطقة مستبعدين أن تسفر جولته الحالية عن الانفراجة المأمولة. من جهتها ذكرت صحيفة «معاريف» أن نتانياهو يدرس احتمال أن يقدم لكيري اقتراحاً يشمل التنازلات الإقليمية التي يمكن أن تقدمها إسرائيل ضمن الاتفاق الدائم، ما يعني احتمال أن يكشف أسماء المستوطنات النائية القابعة خارج التكتلات الاستيطانية الكبرى التي يمكن إسرائيل أن تخليها في إطار الاتفاق النهائي. من جهة أخرى، أفادت صحيفة «هآرتس» أن ثمة تغييراً في موقف وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان من الجهود الأميركية انعكس في تصريحاته في الأسابيع التي أشاد فيها بنظيره الأميركي «ووجوب منحه الفرصة» للنجاح. وأضافت أن هذه التصريحات تعكس حقيقة أن ليبرمان قرر فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولاياتالمتحدة التي اتسمت بالفتور خلال ولاية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، بينما تربطه علاقات طيبة بالوزير كيري. ويرى ليبرمان أن جهود الأخير للتوصل إلى تسوية «هي المحاولة الأميركية الأكثر جدية منذ محادثات كامب ديفيد عام 2000». وزادت الصحيفة أن ليبرمان يشكك في فرص نجاح كيري، بداعي «عدم قدرة عباس على تقديم التنازلات المطلوبة للتوصل إلى تسوية»، مع ذلك فإنه لا يلغي احتمال أن تثمر مثابرة كيري انفراجة سياسية. وأشارت الصحيفة إلى أن «اعتدال» مواقف ليبرمان، قياساً بصقور الحكومة، يجعله قريباً في موقفه من المبادرة الأميركية من وزيرة القضاء رئيسة طاقم المفاوضات تسيبي ليفني. في غضون ذلك، شارك عدد من النواب في «اللوبي من أجل أرض إسرائيل» بقيادة وزير الداخلية جدعون ساعر في وضع حجر الأساس لحي استيطاني جديد في مستوطنة «جيتيت» في غور الأردن، ليعلن أن «المسألة الرئيسية هي أين سيكون حدود دولة إسرائيل. هل تمر هنا في الغور أم بالقرب من نتانيا وكفارسابا (داخل الخط الأخضر) وإذا ما بقينا من دون الغور، سنكون دولة بلا عمق استراتيجي». وأضاف أنه «فقط بوجود الجيش الإسرائيلي في الغور يضمن الأمن، وهذا الوجود يستوجب وجود مستوطنات في الغور». واعتبر أن الغور «هو في مركز الإجماع الإسرائيلي، وهو ما يؤكده حضور نواب من مختلف الكتل هذا الاحتفال». واختتم حديثه قائلاً: «الغور إسرائيلي وسيبقى كذلك، ونشد على يد رئيس الحكومة الذي يؤكد حقنا في غور الأردن، ليس موقتاً، إنما لأجيال وأجيال». وقال نائب وزير الخارجية زئيب ألكين، إن وضع حجر الأساس في اليوم الذي يصل فيه وزير الخارجية الأميركية إسرائيل «هو توقيت مثالي»، مضيفاً أن من يتنازل عن الأغوار سيحول كفار سابا (شرق تل أبيب) إلى حدود مع الفلسطينيين. وأضاف: «نريد التحادث إلى جيراننا، لكن رسالتنا تقول إننا لن نتنازل من أجل استمرار المفاوضات عن الأمور الحيوية لنا. لن نجعل من كفار سابا سديروت ثانية (تتعرض لقصف من القطاع)». واعتبرت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية النائب زهافه غالؤون أن تدشين الحي الاستيطاني عشية وصول كيري، «هو تأكيد على أن ائتلاف نتانياهو ليس معنياً بالسلام، «والغرض من إنشاء الحي هو إجهاض أي تقدم محتمل في العملية السياسية». كما اعتبرت مطلب بقاء الجيش الإسرائيلي في الغور مطلباً سياسياً.