ذكّر الرئيس التركي عبدالله غل مواطنيه بأنهم جميعاً في «سفينة واحدة»، وحض على احترام أحكام القضاء، فيما تواجه حكومة رجب طيب أردوغان فضيحة فساد أثارت تساؤلات حول استقلال القضاء. البيان الذي أصدره غل لمناسبة رأس السنة، أتى فيما يحقق مدعون عامون في اتهامات بالفساد طاولت مقربين من أردوغان، بينهم ساسة ووزراء وبيروقراطيون. لكن رئيس الوزراء اعتبر أن حكومته تتعرّض ل «مؤامرة»، وعزل عشرات من مسؤولي القضاء وقادة الشرطة، متحدثاً عن تغلغل أنصار للداعية الإسلامي فتح الله غولن في القضاء، كما اتهم الشرطة باستغلال سلطتها لمهاجمة الحكومة. وحاول أردوغان تغيير أنظمة الشرطة، لمنع مزيد من التحقيقات، لكن المحكمة العليا ألغت قراره. واعتبر غل أن 2013 كانت «سنة صعبة لبلادنا والعالم»، وزاد: «الديموقراطية هي نظام من قواعد ومؤسسات يستند إلى الفصل بين السلطات. مسؤوليتنا المشتركة تجنّب السلوكيات التي قد تضرّ بفهم وإدراك وجود سلطة قضائية مستقلة ومحايدة». وذكّر بالتقدّم الذي حققته تركيا في الإصلاحات الديموقراطية والاقتصادية، ما جعلها «مركز جذب للمستثمرين». وتابع: «هذه التطورات هي ثمرة الاستقرار السياسي والحكم الرشيد والعمل المنضبط... وعلينا تجنّب المواقف والسلوكيات التي من شأنها أن تهزّ الاستقرار السياسي ومناخ الثقة الاقتصادية، ما سيؤدي إلى تآكل دولة ديموقراطية يحكمها القانون، وتعطيل وحدتنا وتعايشنا السلمي». ونبّه غل مواطنيه إلى عواقب أي انقسام، قائلاً: «دعونا لا ننسى أننا جميعاً في السفينة ذاتها، كوننا مواطنين متساوين وأحراراً من هذه الدولة قوية. ومسار هذه السفينة نحو مستقبل أكثر جمالاً وإشراقاً، هو مسؤوليتنا المشتركة». وتابع: «عندما نأخذ في الاعتبار البنية الدينامية لمجتمعنا، طبيعي مواجهة مشكلات من وقت إلى آخر، وخلافات في وجهات النظر في شأنها». ودعا إلى «ترك العادات السياسية والبيروقراطية القديمة وراءنا، ودخول العام الجديد»، مشدداً على أن «تغيير القيادة يتحقق فقط من خلال انتخابات، إذ إننا في بلد ديموقراطي والقضاء هو الجهة الوحيدة القادرة على تسوية المشكلات المتعلقة بالقوانين». في غضون ذلك، قدّم أردوغان شكوى ضد ماهر زينالوف، وهو إعلامي في صحيفة «زمان» الموالية لغولن، بسبب تغريدات على موقع «تويتر»، اعتبر أنها تتضمن «شتائم ثقيلة وسباباً، في محاولة لاستفزاز الأمة على كراهية وعداء». وأوردت الصحيفة أن محامي أردوغان رأوا في الشكوى التي قدموها لمكتب المدعي العام في أنقرة، أن تغريدات زينالوف تشكّل «اعتداءً صريحاً على شرف أردوغان وسمعته وحقوقه الشخصية»، معتبرين أنها لا تتضمن أي بعد اجتماعي أو سياسي، بل هي «كاذبة واستفزازية» شكّلت «جريمة، إذ تجاوزت حدّ الانتقاد». وطالبت الشكوى المدعين ببدء «تحقيق عام» في حق زينالوف. لكن الصحافي التركي اعتبر أن غالبية تغريداته تتعلّق بتقارير إخبارية أوردتها وسائل إعلام، نافياً أنها تشكل إهانة لأردوغان أو استفزازاً للمجتمع. وأضاف: «الاتهامات ضدي بلا أساس». إلى ذلك، أوردت صحيفة «حرييت» رفع أمر قضائي بحجز أموال ابن وزير الداخلية السابق معمر غولر، بعد اعتراض قُدِّم في محكمة في إسطنبول. وكان باريش غولر أوقف في إطار التحقيق في فضيحة الفساد، بعد العثور في منزله على مبالغ نقدية. في غضون ذلك، انتقد الباحث طارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة «الإخوان المسلمين»، تمسك أردوغان بالسلطة، وحضه على تطبيق نصيحته للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالتنحي. رمضان الذي كان يتحدث في كندا، دعا أردوغان إلى «إعادة النظر» في سعيه إلى رئاسة تركيا بعد توليه رئاسة الوزراء ثلاث ولايات متتالية، وذكّره بنصيحته لمبارك، معتبراً أن على القادة أحياناً أن يفهموا أن عليهم التخلي عن السلطة يوماً.