يعيش رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أزمة غير مسبوقة تضعف موقفه، فيما عادت الاحتجاجات إلى عددٍ من المدن التركية الكبرى حيث نُظِّمَت تظاهرات تطالب باستقالة حكومته. وفرقت الشرطة التركية مساء أمس مئات الأشخاص الذين كانوا يحاولون التجمع في ساحة تقسيم في إسطنبول للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء، واستخدمت الشرطة خراطيم المياه والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين. وبعد ستة أشهر على حركة الاحتجاجات التي هزت سلطته، دعا عددٌ من الأحزاب والتنظيمات المقربة من المعارضة إلى تجمعات ضخمة في أنقرةوإسطنبول في ساحة تقسيم الرمزية للمطالبة برحيل أردوغان وحكومته. ولم يكفِ التعديل الحكومي العاجل بعد استقالة ثلاثة وزراء رئيسين طالتهم فضيحة الفساد المدوية الكارثية على السلطة الإسلامية المحافظة، لكبح الصدمة التي أثارتها. وأدى الإعلان الخميس الماضي عن إزاحة أحد المدعين المكلفين بالتحقيق، معمر أكاش، إلى إبراز صراع القوة الجاري في القضاء التركي والسلطة التنفيذية. وندد أكاش «بضغوط» من الشرطة ومن رؤسائه متهماً الشرطة برفض توقيف حوالي 30 شخصاً لا سيما شخصيات تنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان. وبعد الإعلان عن إزاحة المدعي نددت الصحافة الليبرالية ب «انقلاب» للشرطة على «النظام الدستوري». وعنونت صحيفة «حرييت» الواسعة الانتشار على صفحتها الأولى أمس الجمعة «تحطيم القضاء». وأكدت الصحف التركية أن التحقيق بدأ يتمحور حول أحد ابني رئيس الوزراء، بلال أردوغان، الذي يدير المؤسسة التركية لخدمة الشباب والتعليم الذي يُشتبَه في استغلاله النفوذ في عمليات غش تتعلق ببلديات تابعة لحزب العدالة والتنمية. ولفتت الصحف إلى أن رئيس الحكومة أسرَّ لمقربين منه أن «الهدف الرئيس لهذه العملية هو أنا». وتشهد قوة الشرطة التي تشكل صلب الجدال عملية تطهير غير مسبوقة منذ حملة التوقيفات ضد الفساد في 17 ديسمبر، فقد بدأ رئيس الحكومة حملة واسعة فعاقب أكثر من مائة ضابط كبير، متهماً إياهم بعدم إطلاع الحكومة عن إجراء تحقيق بشأنها. والأحد الماضي، نُشِرَت مذكرة تجبر عناصر الشرطة على إطلاع رؤسائهم بحسب التراتبية قبل بدء مداهمات وتوقيفات بأمر من القضاء. ولتعزيز سلطته، عيَّن أردوغان وزيراً للداخلية مستشاره المقرب أفكان أعلى، الأمر الذي لقي انتقادات حزب المعارضة الرئيس حزب الشعب الجمهوري الذي اعتبره محاولة للحكم من خلال «دولة موازية». وأعلن نائبان في الحزب الحاكم عن استقالتهما أمس الجمعة بعد تهديدهما بالطرد نتيجة إعلانهما تأييد استقلال القضاء. واعتبر الخبراء أن خلفية هذه الأزمة الجارية حرب باتت مفتوحة بين السلطة وجماعة الداعية فتح الله غولن المنفي في الولاياتالمتحدة. والجماعة ذات النفوذ الواسع في صفوف الشرطة والقضاء، لم تغفر للحكومة قرارها إغلاق كثير من المدارس الخاصة التابعة لها وتعتبر إحدى موارد عائداتها الرئيسة.