في تأكيد لانتقال المعركة بين الجيش العراقي و» القاعدة» في صحراء الأنبار، قال رئيس الوزراء نوري المالكي إن الشعب «توحد خلف الجيش وفقد التنظيم ملاذاته الآمنة في ساحات الاعتصام» بعد فضها بالقوة، فيم اعتبر رجل الدين عبد الملك السعدي الحملة «طائفية» ودعا أهالي الأنبار إلى «الدفاع عن أنفسهم». وتزامنت المعركة العسكرية مع معركة سياسية قادها رئيس البرلمان أسامة النجيفي الذي سحب توقيعه من «وثيقة الشرف»، فيما استقال 44 نائباً احتجاجاً على فض الاعتصام بالقوة في الأنبار. وبدأت المعركة في الأنبار أمس، بعدما أمر المالكي باقتحام ساحات الاعتصام، بعد ساعات من إبرام اتفاق بين عشائر المدينة ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي على فضها مقابل إطلاق النائب أحمد العلواني. وتحركت القوات الخاصة، تدعمها حشود عسكرية قدمت من مدن مختلفة إلى الأنبار فجر امس، باتجاه ساحة الاعتصام الرئيسية على الطريق الدولي الرابط بين العراق وسورية والأردن، لتندلع اشتباكات امتدت إلى مدن الرمادي والفلوجة، استخدم خلالها القصف المدفعي، وخلفت نحو 10 قتلى وعشرات الجرحى في حصيلة أولية، فيما امتنعت قوات الأمن عن إعلان الخسائر في صفوفها. وقال شهود إن مسلحين من عشائر الأنبار سيطروا على مراكز المدن وخاضوا اشتباكات واسعة مع القوات العسكرية التي انسحبت إلى خارجها، فيما اكد آخرون استخدام الجيش مدافع الهاون، والمدفعية الثقيلة مساء امس مستهدفة الأحياء الشرقية في الفلوجة، التي أكدت المصادر اندلاع اشتباكات عنيفة في أحيائها. في هذه الأثناء، طالب رجال دين سنة يتقدمهم الشيخ عبد الملك السعدي ومفتي العراق رافع الرفاعي ومجمع علماء الدين، أهالي الأنبار ب «الصمود والدفاع عن أنفسهم». واعتبروا الحملة العسكرية «طائفية»، مطالبين المرجعية الشيعية باتخاذ موقف. ودعوا العشائر في جنوبالعراق إلى عدم إرسال أبنائهم للقتال في الأنبار، وهددت قوى سنية بينها رئيس البرلمان أسامة النجيفي وإياد علاوي، بالانسحاب من العملية السياسية، ودعت إلى تدخل دولي لحل الأزمة. وأعلن النائب ظافر العاني في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي وإلى جانبه النجيفي، أن «أعضاء مجلس النواب من قائمة متحدون للإصلاح قدموا استقالاتهم»، معلناً أسماء 44 نائباً. واعتبر البيان الأحداث الجارية في الأنبار «حرباً بعيدة من الإرهاب، هي بالتأكيد ليست حرب الجيش ضد الشعب، وليست حرب الشيعة ضد السنة، إنها حرب السلطة، حرب الامتيازات السياسية». وتابع: «إنها حرب رئيس الوزراء، وهي خارج الدستور والضوابط الوطنية»، مشيراً إلى أن «الشراكة الوطنية مع المالكي أصبحت موضع شك». وطالب نواب المالكي وهو القائد العام للقوات المسلحة بسحب الجيش من المدن، في إشارة إلى مدينتي الرمادي (100 كلم غرب بغداد) والفلوجة (60 كلم غرب بغداد) اللتين تشهدان مواجهات بين مسلحين وقوات عسكرية. لكنه رفض كل ما يعلن في هذا الإطار، وقال إن «هذا اليوم هو يوم توحد الشعب خلف الجيش العراقي، وتنظيم القاعدة فقد ملاذاته في خيم المعتصمين»، فيما بثت القناة الحكومية «العراقية» أغاني وطنية وعرضت اعترافات معتقلين قالت إنهم كانوا يفخخون السيارات داخل ساحات الاعتصام. وانتشر الخوف من انتقال المعركة من الصحراء على الحدود السورية، إلى المدن، بعد تدفق المسلحين من سامراء وبيجي في محافظة صلاح الدين وسليمان بك في كركوك، إلى الشوارع، وأصبحت الظروف مهيأة لخروج عناصر تنظيم «القاعدة» إلى العلن. وكانت القوات العراقية التي حشدت إعلامياً لمعركة «كبرى» في صحراء الأنبار وتحديداً في وادي حوران على الحدود العراقية– السورية– الأردنية، اكتفت خلال الأيام الماضية بإعلان قتل 9 مسلحين وتدمير معسكرين لتنظيم «داعش»، ما أثار أسئلة حول العمليات التي أُطلق عليها «ثأر القائد محمد»، وهل هدفها بالفعل إغلاق الحدود مع سورية لمنع تدفق عناصر «القاعدة» إلى البلاد. إلى ذلك، أعربت بعثة الأممالمتحدة في العراق عن قلقها من تطور الأحداث، وقال الممثل الخاص للأمين العام نيكولاي ملادينوف في بيان: «أشعر بالقلق إزاء التطورات الجارية في الأنبار وأدعو الجميع إلى التزام الهدوء والتقيد بالاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال اليومين الماضيين»، مشدداً على «ضرورة حلّ الخلافات عبر الحوار من خلال عملية سياسية شاملة تتيح لجميع المكونات الشعور بالمشاركة في بناء المستقبل الديموقراطي للبلاد». وحمّل «الحكومة مسؤولية دستورية لحماية جميع المواطنين من الإرهاب مع مراعاة حقوقهم، وتوفير حاجاتهم وإظهار أقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة».