اتسعت رقعة القتال في جنوب السودان أمس، بين قوات من الجيش موالية للرئيس سلفاكير ميارديت وأخرى مؤيدة لخصمه، نائبه السابق رياك مشار. وانتقلت المعارك من ولايتي جونقلي والوحدة إلى ولاية أعالي النيل، في وقت أعلنت جوبا توقف ضخ النفط من ولاية الوحدة. وكشفت الأممالمتحدة مقابر جماعية في ثلاثة مواقع في الجنوب، بعدما أبدى طرفا النزاع مرونةً للتوجه نحو الحوار ووقف المواجهات، استجابةً للضغوط الغربية. وأعلن وزير النفط في جنوب السودان ستيفن ديو توقف ضخ النفط من ولاية الوحدة التي سيطر عليها أنصار مشار وكانت تنتج 45 ألف برميل يومياً. وأضاف أن «إنتاج ولاية أعالي النيل مستمر ويبلغ 200 ألف برميل يومياً». وأعلن سلفاكير أن «القوات الموالية للحكومة استردت بور وتعكف الآن على تطهيرها من أي قوات باقية هناك» تابعة لمشار. ,تعهد سلفاكير، خلال لقائه المبعوث الرئاسي الأميركي دونالد بوث، عدم تصعيد الحرب، وأن يبقي خلافاته مع معارضيه ضمن نطاقها السياسي. في المقابل، أعلن مشار أنه تحدث مع وزير خارجية إثيوبيا تيدروس أدهانوم الذي يرأس فريقاً من الوسطاء الأفارقة ومع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس، ومبعوثة الأممالمتحدة هيلدا جونسون، مجدداً موافقته على فتح حوار مع سلفاكير لايجاد حل ينهي الأزمة القائمة، شرط إطلاق المعتقلين السياسيين. وأكد مشار حرصه على استمرار الإنتاج في حقول النفط التي يسيطر عليها في ولايتي الوحدة وأعالي النيل. وسمح سلفاكير للموفد الأميركي بزيارة 11 معتقلاً من العسكريين الذين اتهمتهم السلطات بتدبير محاولة الانقلاب. وأكد بوث أن «هؤلاء الأشخاص في أمان ويُعامَلون في شكل جيد. عبروا لي عن رغبتهم في أداء دور بنّاء من أجل المصالحة الوطنية». ميدانياً، اندلعت مواجهات بين طرفي النزاع في مقر قيادة الجيش في ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل. وأفادت «وكالة أنباء جنوب السودان» المستقلة بأن حاكم الولاية سيمون كون بوتش ومسؤوليها وعدداً كبيراً من المواطنين لجأوا إلى مقر بعثة الأممالمتحدة. وروى شهود أن قوات مشار دخلت أربع مقاطعات هي تونغا وكاكا وكفير وناصر من أصل 11 مقاطعة تتألف منها ولاية أعالي النيل. إلى ذلك، أعلنت الأممالمتحدة العثور على مقبرة جماعية في بانتيو عاصمة ولاية الوحدة، تضم نحو 75 جثة يُعتقد بأنها تعود لعناصر من الجيش، ومقبرتين جماعيتين أخريين في جوبا. وطالبت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، الجانبين بحماية المدنيين، محذرةً من أن القادة العسكريين والزعماء قد يمثلون للمحاكمة لارتكاب جرائم حرب. وقالت بيلاي في بيان: «حالات القتل الجماعي التي تتم خارج نطاق القضاء وتستهدف أشخاصاً على أسس عرقية والاعتقالات التعسفية وثِّقت في الأيام الأخيرة». وينتظر أن يناقش مجلس الأمن طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تعزيز البعثة الدولية الموجودة في جنوب السودان ب 5500 جندي، لحفظ الأمن، في حين تضم البعثة حالياً 7000 جندي و900 شرطي وأكثر من ألفي مدني. وازدادت الحاجة إلى هؤلاء بعد وضع حوالى 45 ألف مدني من جنوب السودان أنفسهم تحت حماية بعثة الأممالمتحدة في قواعدها في البلاد. وأعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس، عن استيائه من استمرار العنف في جنوب السودان، معلناً إيفاد المدير السياسي في وزارة الخارجية سايمون غاس، لدعم التوصّل إلى حل سياسي للأزمة. على صعيد آخر، أبدى الرئيس السوداني عمر البشير في ختام محادثاته مع الرئيس التشادي إدريس ديبي أمس، قلقه الشديد من الأوضاع في جنوب السودان وإفريقيا الوسطى، وجدّد التزام الخرطوم اتفاقات التعاون مع جوبا، مؤكداً حرص السودان على تحقيق السلام والاستقرار في الجنوب. ودعا البشير الفرقاء الجنوبيين إلى نبذ العنف و «تحكيم صوت العقل»، مؤكداً «متابعة الاتصالات مع قيادة الجنوب حتى يعم السلام والاستقرار» هناك.