أعلن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، ومقره اليمن، مسؤوليته عن الهجوم المروع على مجمع وزارة الدفاع في صنعاء في الخامس من الشهر الجاري، كما اعترف - في سابقة من نوعها - بخطأ استهداف المستشفى التابع للوزارة وقتل المدنيين والأطباء، عارضاً دفع تعويضات لأهالي الضحايا والتكفل بعلاج الجرحى. جاء ذلك في وقت تتواصل الاحتجاجات في مناطق جنوب البلاد في سياق ما أطلق عليه «الهبة الشعبية» التي كانت بدأت الجمعة من حضرموت (شرق) للاستيلاء على مقرات الأمن ونقاط التفتيش وحراسات المنشآت النفطية، وبالتزامن مع تدارس الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لمقترح قدمته الأممالمتحدة لحسم الخلاف المستمر في شأن عدد الأقاليم في الدولة الاتحادية المرتقبة. وبث التنظيم شريطاً مصوراً ليل السبت على «يوتيوب» لقائده العسكري قاسم الريمي المكنى ب «أبي هريرة الصنعاني» أعلن فيه مسؤولية التنظيم عن الهجوم الذي استهدف مجمع وزارة الدفاع والمستشفى التابع لها، وأكد فيه أن هدف الهجوم كان «غرفة عمليات للتحكم بالطائرات من دون طيار». وقال: «نبهنا إخواننا وأكدنا عليهم أشد التأكيد أن في المجمع مصلى ومستشفى وعليهم الحذر من دخول المصلى والمستشفى فتنبه لذلك ثمانية من إخواننا ولم يتنبه أحد إخواننا». وأضاف: «ونحن هنا إذ نعترف بالخطأ والذنب نقدم اعتذارنا وتعازينا لذوي الضحايا، وأننا ما أردنا ضحاياكم ولا قصدناهم وليس من ديننا هذا ولا خلقنا ونتحمل كامل المسؤولية عما حدث في المستشفى من دفع الديات والتعويضات والعلاج». وشكك الريمي في صدقية الصور التي نقلها التلفزيون اليمني عن حضور الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مقر الوزارة بعد بدء الهجوم وقال: «في الوقت الذي هجم إخواننا على هذا المبنى كان الإعلام الرسمي يدعي كذباً وزوراً أن عبد ربه يزور المبنى، لفقوا صوراً قديمة بصور حديثة، وكان إخواننا في هذا التوقيت يضربون هذا المبنى». وفيما يعد الهجوم الذي أوقع حوالى 300 قتيل وجريح من أقسى الضربات التي تلقتها السلطات، هدد الريمي باستهداف كل المواقع التي يثبت، على حد تعبيره «أنها تتعامل مع الطيران الأميركي»، وقال لدينا قائمة طويلة بهذه المواقع حال استمرت نحن سنستمر وسنصل إليها». واعتبر مراقبون لنشاط «القاعدة» اعتراف الريمي بالخطأ واعتذاره هذه المرة وعرضه دفع تعويضات «محاولة لتحسين صورة التنظيم لدى أنصاره والمتعاطفين معه، بخاصة بعد ردود الفعل الشعبية الواسعة التي أثارتها بشاعة ما سجلته كاميرات المراقبة داخل المستشفى من مشاهد قتل بدم بارد للمرضى والأطباء والنساء». في غضون ذلك، قضت محكمة في صنعاء متخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة بسجن عنصر من تنظيم «القاعدة» يدعى عبد الله سعد غازي الريمي ثلاث سنوات بعدما دانته ب «الاشتراك في عصابة مسلحة تتبع التنظيم» قامت باستهداف ضباط الجيش والأمن والمنشآت خلال 2012. وعلى صعيد آخر استمرت أمس الاحتجاجات في مدن جنوب اليمن لليوم الثالث على التوالي، وأفادت مصادر محلية ل «الحياة» عن سقوط جرحى في مواجهات بين المحتجين القبليين وأنصار «الحراك الجنوبي» بعد أن حاول الأخيرون اقتحام إذاعة سيئون في حضرموت لإعلان بيان الانفصال عن شمال اليمن عبرها». كما أفادت المصادر عن قيام محتجين بإحراق أسواق لبيع نبتة «القات» في محافظة المهرة، في وقت اتهمت السلطة المحلية في حضرموت «عناصر خارجية» تقف وراء أحداث الشغب التي تشهدها المحافظة وقالت إن هذه العناصر تسعى ل «ذر الرماد في العيون لإلهاء أبناء حضرموت عن تحقيق مطالبهم الحقوقية»، في حين أعلن مسؤولو التعليم إغلاق المدارس في مدن وادي حضرموت «مدة أسبوع بسبب انفلات الأمن» إلى ذلك، علمت «الحياة» أن الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني تدرس مقترحاً قدمه مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر لحسم الخلاف القائم بينها حول عدد الأقاليم في الدولة الاتحادية المرتقبة، ويتضمن المقترح تأجيل البت في عدد الأقاليم والاكتفاء بالمبادئ العامة التي تم التوافق عليها، وتشكيل لجنة لدراسة قضية الأقاليم وحدودها جنباً إلى جنب مع لجنة كتابة الدستور المنتظر تشكيلها بعد انتهاء الحوار. كما تضمن المقترح آلية مستقبلية مرنة لإعادة النظر في عدد الأقاليم التي يمكن أن تتكون من ولايتين أو أكثر، بحسب ما تقره غالبية الأعضاء في المجالس المنتخبة للولايات، في حين توقع أعضاء في مؤتمر الحوار أنه في حال موافقة الأطراف السياسية على مقترح بنعمر سيكون ذلك إيذاناً بانعقاد جلسة الحوار الختامية وصدور وثيقته النهائية في الأيام القليلة المقبلة تمهيداً لمرحلة كتابة الدستور».