سبب قرار الحكومة العراقية أخيراً بمنع دخول شاحنات النقل البري إلى العاصمة بغداد، بهدف إيجاد حل لظاهرة الازدحام المروري، بموجة احتجاجات بين شركات النقل وأصحاب شاحنات نقل البضائع، متهمين الحكومة بقطع أرزاقهم. وقال صاحب شركة «التنمية للنقليات» محسن علي الشمري إن «الجهات الحكومية تفاجئ المواطن العراقي بقرارات لعلاج مشكلة بمشكلة أكبر، فبهدف معالجة مشكلة الازدحام المروري في العاصمة، حددت مواعيد دخول الشاحنات إلى العاصمة من الساعة السادسة مساءً ولغاية منتصف الليل». وأكد الشمري ل «الحياة» أن «هذا الإجراء يعني قطع أرزاق عشرات آلاف العائلات التي تعتمد على هذا القطاع من سائقين وعمّال خدمة وتفريغ وصيانة». وأشار إلى أن «عدد شركات النقل البري يتجاوز 400 شركة تتوزع بين محافظات العراق، وهناك أكثر من ربع مليون شاحنة للقطاع الخاص فقط، ناهيك عن أسطول وزارات التجارة والنقل والنفط والصناعة وغيرها». وأوضح سائق شاحنة يدعى سلام محمد العجياوي أن «العراق، وبعكس دول المنطقة، لا يطبق ولا يحترم مبدأ الناقل الوطني، فتجد البضائع الإيرانية والسورية والخليجية والتركية تفرض شروطها على التاجر العراقي، لضمان دخول بضائعهم بشاحنات تلك الدول، ولذلك لم يعد أمامنا سوى المنافسة». وأضاف أن «رسوم النقل كانت جيدة ومشجعة للناقل المحلي، فمثلاً كلفة النقل من موانئ البصرة إلى العاصمة كانت نحو 2.5 مليون دينار (2000 دولار)، ولكن الآن تراجعت إلى ما دون 1.5 مليون دينار». وحول أسباب ارتفاع عدد الشاحنات، قال العجياوي إن «بعد عام 2003، أصيب بعض القطاعات المدرة للدخل بشلل تام، خصوصاً قطاعَي الزراعة والأعمال الخدمية، ولم يعد أمام المزارعين سوى إيجاد مصدر دخل بديل، فاتجه الجميع إلى بيع مساحات من أراضيهم الزراعية وشراء شاحنات، معظمها استورد من دول أوروبا، وخصوصاً كرواتيا وأوكرانيا ورومانيا وبأسعار رخيصة نسبياً». وأكد المسؤول في إحدى نقاط تفتيش بغداد الرئيسة النقيب سعيد جيزان ل «الحياة» أن «التعليمات الأخيرة لم تهدف فقط إلى الحد من الازدحام المروري بل لمعالجة مشاكل كثيرة تسببت بها الشاحنات، منها أعدادها الكبيرة وغياب أي تنظيم لعملها، فأصبح بمقدور أي مواطن شراء شاحنة والعمل بها، ليصبح الأمر شبه فوضى وغالبية السائقين صغار السن ولم يحصلوا على إجازات سوق، ما تسبب بالكثير من الحوادث». وأضاف: «معظم الشاحنات لا يلتزم قواعد السير والحمولات، ما ادى إلى خراب كبير في الشوارع السريعة والخارجية، ناهيك عن إجراءات الأمن الأخيرة». وأعلنت أمانة بغداد عزمها إنشاء مدن مركزية للتبادل التجاري عند المداخل الخمسة للعاصمة لتفريغ البضائع من الشاحنات التجارية الكبيرة ونقلها في شاحنات صغيرة من طريق الاستثمار. وقال أمين بغداد نعيم عبعوب الكعبي إن «أمانة بغداد دعت الشركات العالمية إلى إنشاء مدن مركزية بمواصفات عالمية للتبادل التجاري من طريق الاستثمار لتفريغ البضائع من الشاحنات التجارية الكبيرة ونقلها في شاحنات صغيرة ومنع دخول الشاحنات الكبيرة إلى العاصمة عبر وضع محددات للأوزان». وبيّن أن «هذه المدن ستضم مجموعة كبيرة من الخدمات والمستلزمات الأساس، مثل مواقف السيارات ومحطات للانتظار ومخازن اعتيادية وأخرى مبردة ومكاتب لتسلم الشحنات وسياج وإدارة خاصة ورافعات جسرية وفنادق للمبيت ومطاعم وأماكن استراحة وحدائق عامة».