حين دعي البرتغالي أندريه فيلاش بواش إلى اجتماع مع رئيس نادي توتنهام دانيال ليفي والمدير الرياضي الإيطالي فرانكو بالديني الأحد الماضي، كان لا يزال يملك الفرصة في الاحتفاظ بمنصبه مديراً فنياً للنادي اللندني العريق. لكن الهزيمة المذلة أمام ليفربول على إستاد وايت هارت لاين بخماسية نظيفة، جعلت كل الأمور تتجه نحو خيار واحد، وهو إقالة المدرب البرتغالي الشاب الذي سبق أن واجه المصير نفسه حين كان مديراً فنياً لفريق تشلسي. مديرو توتنهام شاهدوا بأم أعينهم كيف أشار مدرب ليفربول إلى مساعديه بأصابعه الخمسة بعد تسجيل فريقه الهدف الثالث عبر جون فلاناغان، في إشارة إلى أن المباراة ستنتهي بخماسية وهذا ما حصل بالفعل، وهو ما لعب دوراً في زيادة غضب ليفي الذي أراد من بواش أن يغير من أسلوب لعب الفريق، لكن البرتغالي تمسك بخياراته خلال الاجتماع العاصف الذي أقيم داخل الإستاد بعد المباراة مباشرة، وبدا خلاله بواش أنه لن يتنازل أمام رئيس النادي حتى لو كلفه ذلك منصبه. في الاجتماع أخرج ليفي كل ما في جعبته ولم يكن يريد أن يمرر أخطاء المدير الفني مرور الكرام مهما كلف الأمر، فقبل ثلاثة أسابيع حصل اجتماع صغير في مقصورة إستاد الاتحاد جمعه مع مدير كرة القدم في نادي مانشستر سيتي اللاعب الإسباني السابق تيكستي بيغريشتاين والرئيس التنفيذي فاران سيريانو، والاجتماع حصل بعد السقوط المدوي أمام «السيتيزنز» بسداسية نظيفة، ويوم الأحد عانى دانيال ليفي من المشاعر الأليمة نفسها، وهو يشاهد إدارة ليفربول تخرج بسعادة من المقصورة وهو في طريقه مع بالديني لمقابلة بواش بعد المباراة مباشرة. جعبة دانيال ليفي كانت مليئة بالأسئلة للمدير الفني، وأولها عدم الاستعانة بالمهاجم التوغولي إيمانويل أديبايور خلال المباريات، إذ سبق وأن طالبه بعديد المناسبات أن يضع الأمور الشخصية جانباً ويتعامل مع أديبايور بطريقة فنية بحتة. العلاقة بين بواش وأديبايور وصلت إلى القطيعة التامة، فلم ينسَ المهاجم كيف تدرب مع فريق الشباب في بداية الموسم، وعدم إشراكه إلا في مباراة واحدة بديلاً في الشوط الثاني أمام مانشستر سيتي، ويبدو أن أديبايور لم ولن يسامح مدربه على فعلته هذه. رد بواش على سؤال ليفي حول أديبايور، كان تحميل رئيس النادي المسؤولية لعدم التعاقد مع مهاجم زينيت سان بطرسبرغ البرازيلي هالك. اللافت أن أجندة ليفي كانت حافلة، والموضوع الآتي المهم كان مساعد المدرب الألماني ستيفان فرويند ودوره في الجهاز الفني، بخاصة بعد أن قام بواش بتقليص واجباته بعد نقاشهما الحاد إثر الهزيمة أمام أرسنال بهدف في مقابل لا شيء في الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي. فرويند دخل في نقاش حاد أنذاك بسبب نهج الفريق وتبديلات البرتغالي في الشوط الثاني، فما كان من بواش إلا أن جعل لوبس مارتن مساعداً مباشراً له، وأبعد فرويند عن الصورة تماماً. أول من توقع التغيير في توتنهام كان المحلل ولاعب فريق مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل، حين قال في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إن لاعبي توتنهام لم يعودوا قادرين على تطبيق خطط بواش في الملعب، ولم يكن أكمل كلامه حتى كان الإسباني خيسوس نافاس يهز شباك «السبيرز» بعد 13 ثانية فقط من بداية المباراة، لتكتمل الهزيمة آنذاك بالستة الشهيرة. اللافت أن مشكلات بواش لم تكتمل، لأن ليفي أخرج له أيضاً خلال الاجتماع قضية أخرى تتعلق بالحارس الأميركي المخضرم براد فريدل، بعد أن فقد مكانه لمصلحة الفرنسي هوغو لوريس، وعلى رغم أن بواش أكد أن روح الفريق وتعاونه جيدة، إلا أن الوقائع على الأرض مختلفة تماماً. مشكلات بواش كانت جمراً تحت الرماد في بداية الموسم، بعد أن حقق أربعة انتصارات متتالية (2 في يوروبا ليغ و2 في البريمييرليغ)، ولم تتلقَ شباكه أي هدف، لكن الهزيمة أمام أرسنال ثم التعادل مع تشلسي على إستاد وايت هارت لاين (1-1) هزت الفريق، وتوالت بعدها السقطات، فخسر على ملعبه أمام ويستهام (0-3)، لينتقد بعدها بواش جماهير فريقه لأنها لم تؤازر اللاعبين على رغم الفوز على هال سيتي (1-0). ليفي لم يكن قادراً على استيعاب ما حصل بعد السقوط الكبير أمام ليفربول، والسبب أن الآمال المعلقة على الفريق ضربت بالصميم، توتنهام ارتفعت طموحاته بعد أن استبدلت فرق مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتشلسي مدربيها، عندها كان القرار بصرف كل أموال صفقة انتقال غاريث بايل التي بلغت 100 مليون دولار على شراء لاعبين، فضم باولينيو وناصر الشاذلي وروبرتو سولدادو وأتيان كوبويه وفاليد شيريشيس وكريستيان أريكسون وإريك لاميلا، وعلى رغم أن معظم هؤلاء وصلوا إلى لندن بعد انطلاق الدوري، لكنهم زادوا من نسبة التفاؤل في تحقيق الطموحات. نسبة التفاؤل هذه صارت تتقلص شيئاً فشيئاً، والإيمان بقدرات بواش نفسه، فلم يبقَ مقتنعاً بعمله إلا فرانكو بالديني بعد التعادل أمام مانشستر يونايتد (2-2) في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وزاد الطين بلة دخول البرتغالي في نقاش حاد خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة مع وسائل الإعلام، وتحديداً «الدايلي ميل»، إذ اعتبر أن نقدها شخصي وليس مهنياً. الاثنين الماضي بعد أن نام دانيال ليفي وفكر ملياً، وجد أن بواش ليس المدير الفني القادر على الوصول بتوتنهام إلى دوري أبطال أوروبا والمنافسة على لقب الدوري، فقرر أن يستغني عن خدماته.