على عتبة منزله يجلس الشيخ عبدالله كليبي (90 عاماً)، يرقب الرائح والغادي قرب سوق مدينة جازان، لا تعجبه مظاهر الاحتفال بالعيد في مدينته هذه الأيام، لأنها بحسب رأيه «أصبحت من دون طابع يميّزها». العيد أيام زمان بحسب هذا المسن كان له طعم مختلف في منطقته من الملبس إلى المأكل إلى الأهازيج الشعبية، التي يرددها الجميع كباراً وصغاراً. وأشار إلى أن الناس كانوا يستعدون للعيد بعد دخول شهر رمضان مباشرة، وكان يعرف الناس دخول الشهر بالرؤية فقط، وإذا ما تأكد دخول ليلة العيد تنظف النساء منازلهن المبنية في ذلك الوقت من القش ويطلق عليها «العشش»، ويزينها بالبوية وطلاء القعايد «الكراسي الخشبية»، ويعملن على تجديد فرش المنزل وتعطيره، ويتزين بالفل والكاذي، وتقوم الفتيات منهن بغزل الكوافي والطواقي البيضاء المصنوعة من الخيوط الحريرية على ضوء الفوانيس، في حين يشتري الآباء بعض أنواع الحلوى الشعبية التي تناسب يوم العيد مثل النارجيل والحلوى المضروبة والهريسة والمشبك وقطع الحلقوم، وغيرها من الأنواع التي لا تظهر إلا في الأعياد. وكانت مظاهر العيد جلية عند الأطفال أكثر منها عند الكبار، إذ يرتدي الأطفال أجمل ملابسهم الملونة والمزركشة من البنين والبنات، ويزورون المنازل المجاورة وأقاربهم، للحصول على العيدية التي تكون من قطع الحلوى أو النقود من فئة القرشين أو الأربعة قروش، والتي كانت تعني لهم في ذلك الوقت الشيء الكثير، وكان الأطفال من البنات يُغطين رؤوسهن بجدايل الفل وعذوق الكاذي، وتحيط أعناقهن جدايل الفُل. أما كبار السن من أهالي المنطقة، فكان لباسهم في العيد المئزر الأبيض والكوت السَّميك وكوفية مصنوعة من الخيزران، والأغنياء منهم كان يلبس على رأسه الشال أو اللحاف الذي يقوم مقام العمامة حالياً. وجبة رئيسية كانت تلازم الأهالي وتسمى بالعيدية، وتكون بعد صلاة العيد بساعة، إذ يجتمع الرجال والشباب والأطفال في موقع متعارف عليه، ويقوم كل منهم بجلب طعام من منزله ليتذوقه البقية، ومن أشهر هذه الأطباق «المغش»، وهو عبارة عن لحم وخضار وبهارات توضع على الجمر الى ان ينضج اللحم، إضافة إلى المرسة والخمير والسمك المالح واللحم الحنيذ أيضاً.