أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير أمس إحباط محاولة انقلاب، واتهم منافسه السياسي رياك مشار بالوقوف وراءها بعد المعارك الكثيفة التي جرت ليلا في العاصمة جوبا، حيث أعلن حظرا للتجول لفترة غير محددة. وقال "هناك محاولة انقلاب لكنها أحبطت ونحن نسيطر على الوضع". وأضاف "لاذ المهاجمون بالفرار ونحن نلاحقهم"، متهما "مجموعة من الجنود الموالين لنائب الرئيس السابق رياك مشار"، والذي لجأ للسفارة الأميركية في جوبا طالبا الحماية. وتابع كير "قمنا باعتقالات" بدون إعطاء تفاصيل أخرى. كما أعلن حظر تجول من السادسة مساء حتى السادسة صباحا "حتى إشعار آخر" في جوبا. وبحسب كير فان المعارك بدأت مساء أول من أمس "بهجوم على مقر قيادة الجيش الوطني الجنوب سوداني من قبل مجموعة جنود متحالفة مع نائب الرئيس السابق رياك مشار وفريقه". وقال "لن أسمح أو أتسامح مع أي حادث آخر من هذا النوع". وأضاف "إن حكومتي لن تسمح بتكرار أحداث 1991"، في إشارة للانفصال في صفوف التمرد الجنوبي. وشهدت جوبا قتالا شديدا مساء الأحد بين مجموعتين من أفراد الحرس الرئاسي عقب نشر قوات من قبيلة الدينكا (التي ينتمي إليها سلفاكير) في مواقع يتواجد فيها جنود من أبناء قبيلة النوير (التي ينتمي إليها مشار). وذكرت مصادر عسكرية أن القتال بدأ بعد وصول قوات من الحرس الرئاسي من أبناء قبيلة الدينكا الذين تم تخريجهم مؤخرا إلى ثكنات الجيش في فيلبام يوم السبت تزامنا مع بدء اجتماعات مجلس التحرير الوطني للحركة الشعبية للبت في الخلافات القائمة بين مجموعتي سلفا كير ورياك مشار. وقالت المصادر إن أبناء النوير نجحوا في السيطرة على الثكنات وطرد القوة المكونة من أبناء الدينكا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر أخرى قتل قائد هذه القوة. وأضافت أن القتال امتد إلى حي بلك حيث توجد قيادة الشرطة، كما شمل قيادة الجيش نفسها في فيلبام وليس فقط الثكنات. وكان مشار انشق آنذاك مع فصيل تحالف في وقت لاحق موقتا مع نظام الخرطوم الذي كان يقاتله المتمردون قبل أن يعود إلى صفوف الجنوبيين في مطلع سنوات الألفين. ويشهد جنوب السودان توترات سياسية خطيرة منذ أن أقال الرئيس كير كل أعضاء الحكومة في يوليو الماضي وخصوصا نائبه رياك مشار خصمه السياسي الذي أعلن نيته الترشح ضد الرئيس المنتهية ولايته خلال الانتخابات الرئاسية في 2015. وهذا الإجراء أثار مخاوف من عودة شبح الحرب الأهلية بين أنصار كير الذين ينتمي معظمهم لقبائل الدينكا والنوير التي ينتمي إليها مشار، لكن الوضع بقي هادئا حتى الآن. وجرت معارك كثيفة ليل الأحد الاثنين في محيط مبان عسكرية في جوبا. وقال دبلوماسي إنه لم يعد يسمع أي إطلاق نار منذ صباح أمس، فيما تنتشر قوات الأمن في المدينة بكثافة. وكان سلفاكير شن أول من أمس هجوما عنيفا على المجموعة المناوئة له بقيادة مشار، الذي ما زال يشغل منصب النائب الأول في الحزب الحاكم الحركة الشعبية، ورأى أن المجموعة المناوئة له بقيادة مشار "ستعيد إلى الأذهان ذكريات أليمة، وستقلل من قيمة استقلال بلاده الذي حدث قبل عامين"، في إشارة إلى الحرب التي دارت عقب انشقاق مشار عام 1990 عن الحركة الشعبية. وعبرت الأممالمتحدة أمس عن "قلقها الشديد" إزاء القتال في جوبا، وقالت إنها على اتصال مع قادة البلاد للدعوة إلى الهدوء. وأفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة هيلدي جونسون في بيان "بصفتي الممثل الخاص للأمين العام، أحث كل أطراف القتال على وقف الأعمال العدائية فورا وإبداء ضبط النفس. أنا على اتصال دائم مع القادة الأساسيين على أعلى المستويات للدعوة إلى الهدوء". من جهته، حذر زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، حسن الترابي، من سيناريوهات كارثية متوقعاً حدوثها خلال الفترة القليلة المقبلة غير أنه لم يفصح عنها، ووجه الزعيم الإسلامي المثير للجدل انتقادات لاذعة لمعالجة خصومه في الحكومة لأمر الإصلاح، وقال إن ما جرى لن يقي البلاد الشرور المقبلة.