أقدم السؤال في صورة بريئة، أعرف أنه سؤال حاد من زاوية ومهمل من زاوية أخرى، حدته تتربع في بعثرة السؤال ذاته حين نتفق أن السؤال لا يحتاج إلى «هل» على الإطلاق، بل إن الجملة المختصرة السريعة في غيابها أصدق، أما زاوية الإهمال فيقف في صفها التقصير والتنظير والتسطير والتأطير والأضواء المشعة مع بداية كل سنة مالية، والمنطفئة بعد مدة وجيزة لتأثير الرباعي الواقف في الصف. على الصعيد الشخصي أنا مع الذين يرون أن السؤال ليس في حاجة إلى «هل»، ومن ثم لا معنى لعلامة الاستفهام، فالجملة من دونهما واقعية وملامسة للجراح التي لا نريد أن يلمسها أحد، بل نلجأ وقت الملامسة لتقديم خرائط العمل والاستراتيجيات والمشاريع والأفكار ومسلسلات التطوير، فيما المخرجات تحكي عن حالها، والحال النفسية لمن في الميدان تثبت أن التعليم لدينا يسير بالبركة ودعوات الوالدين، حين كانت الموازنات متوسطة كانت الأفكار كبيرة والتعليم يمضي بخطى ثابتة وبمخرجات مقنعة وباعثة على التفاؤل، أما بعد أن أصبحت الموازنات تذهب لأرقام خرافية فلا حرج في نهش الرأس حرقة وتفكيراً في سر العودة للخلف، ولماذا حين كان المال سيد الموقف ضعفت الآمال وتراجع سقف المخرجات. في أنظمة «نور» و«فارس» و«حسِّن» مروراً ب«إنجاز»، ومشاريع تطوير التعليم العام وما دونها من مشاريع للربط الشبكي والخرائط التعليمية وحزمة التعميمات اليومية الهائلة ونزيف الأحبار والمباني المستعجلة وأفكار القص واللصق ضاعت الموازنة وتناثرت هنا وهناك، فالتجريب والتطبيق العشوائي والدراسات العابرة والأطروحات البالية تشرح أنه لا أمل في إصلاح، إذا ما استمر التعليم حقل تجارب ومساحة متاحة لاستنزاف الأموال بلا جدوى أو انعكاس ملموس على واقع مضطرب. التعليم لا تحله إلا غربلة تامة ومساءلة سنوية لكل من يقترح ويقدم المشاريع والبرامج ويقاتل لأجلها ثم تفشل، فأكثر قطاعات الدولة التي جربت وغيرت وأدخلت وبدلت وفشلت قطاع التعليم، وحسابات التربية انشغل عنها هذا القطاع لاهتمامه بمفاصل طرية أخرى، كنا سنرضى لو اكتفينا بالنصف من مسمى الوزارة الحالي، سواء النصف الأول أم النصف الثاني، أما أن يتراجع النصفان بصمت تحت مأساة أن الأمور على ما يرام فذاك مؤشر لا يطمئن، حتى وزارة التعليم العالي لم تعد تثق بمخرجات شقيقتها الصغرى فأوجدت القياس والقدرات، وقالت لها: نقدر العشرة لكننا نشك في مخرجاتك، وأنا أقول: «لماذا لا تتشجع الوزارة وتنفض الغبار عنها، فتغرد قائلة: هذه نتائج مبادراتنا وأفكارنا ومشاريعنا واستراتيجياتنا، وها هي ملفاتنا بين أيديكم، أم أن بيع الكلام هو أسهل الحلول للإسكات المرحلي؟»، ولي أن أشاغب في السطر الأخير بسؤال صغير عابر: هل مشروع تطوير التعليم العام دقق في الخريطة الوطنية، أم هو أشبه بالدور الذي تلعبه المسحة الطبية؟ [email protected] @alialqassmi