انتقدت مصادر تحدثت إلى «الحياة» الطريقة التقليدية التي يتم على إثرها التفتيش من قبل قسم الأمن والحراسة على العاملين والنزلاء قبل دخولهم العنابر، إذ أكدوا أن ذلك يتم بأسلوب يدوي. في حين لم ينكر المتحدث الإعلامي للمديرية العامة للسجون العقيد الدكتور أيوب بن نحيت ذلك، وقال: «يتم التفتيش مبدئياً بواسطة أجهزة التفتيش الإلكترونية، وفي بعض الحالات يتم يدوياً». وأضاف: «هذا لا يتنافى مع تقديرنا وثقتنا بزملائنا العاملين، ولاشك أننا نولي محاربة تهريب المخدرات داخل السجون الاهتمام من خلال توظيف الكوادر المؤهلة وتأمين الأجهزة المتطورة في الكشف عن الممنوعات». واستدل بكفاءة الجهود المبذولة والأساليب المتبعة بعدد الضبطيات التي رصدت خلال العام الماضي «إذ تجاوزت 92 ألف ضبطية لمختلف أنواع الممنوعات». وذكرت المصادر أن تحرّج بعض العاملين من تفتيش زملائهم ومجاملتهم أسهم في دخول الممنوعات، كما طالبوا بتأهيل غرفة مراقبة متكاملة تعج بعشرات الشاشات المرتبطة بكاميرات موزعة داخل العنابر وخارجها ويقوم عليها مراقبون، ومن شأنها تسجيل المخالفات التي تقع طوال اليوم، بدلاً من الموجودة حالياً والتي وصفت ب«متواضعة المهمات». وأوضحت أن السجون بحاجة إلى تحديث اللائحة الجزائية للسجين التي عفا عليها الزمن منذ ثلاثة عقود، «إذ إنها تفتقر لجرائم حديثة لم تستحدث لها عقوبات بعينها، كما أنه يتخللها الكثير من الثغرات». واعتبرت المصادر ذاتها دور «قسم الإصلاح والتهذيب» في قطاع السجون «قاصراً»، إذ أكدت أن «دور القائمين عليه مبني على اجتهادات فردية، ويقتصر غالباً على تفعيل المحاضرات الدينية وحلقات تحفيظ القرآن فقط، من دون الاكتراث بتفعيل برامج ودورات وندوات نفسية واجتماعية من شأنها تعزيز الجوانب الإيجابية للسجين وتقويم سلوكه وتعديل طريقة تفكيره». وأكدت أن غالبية السجون تفتقد لأطباء نفسانيين أو اختصاصيين اجتماعيين يقيمون داخل أسوار السجن، إذ عمدت إدارة إحدى السجون إلى توظيف اختصاصي اجتماعي لمتابعة عنابرها، إلا أنها لم تغفل عن تكليفه بمهمات إدارية بعيدة عن صميم عمله. وأضافت: «للأسف، أن زملاء السجين داخل العنابر نجحوا في تلقينه وغرس الرغبة لديه في تكرار ممارسة الجريمة وخوض جرائم أخرى وإدمانه العيش خلف القضبان مرات عدة». وفي السياق ذاته، طالب عاملون في إدارة السجون المسؤولين في الجهات المعنية بالإسراع في تطبيق مشروع الحكومة الإلكترونية سريعاً، التي من شأنها ربط الإدارات الحكومية مع بعضها وإنجاز جل المعاملات بينها بطريقة إلكترونية، فضلاً عن الحضور الزماني والمكاني. وقال عاملون في قطاع السجون إن مهمات التمديد والتعقيب للسجين التي تتم بطريقة بدائية تتمثل في اصطحاب الموظف للسجين إلى جهة توقيفه، بهدف التمديد له والسعي في إرسال خطابات للإدارات ذات العلاقة لمعرفة آخر إجراء تم على معاملته، ما يستنزف الكثير من الوقت والجهد وعدداً مضاعفاً من الموظفين، إضافة إلى تأخير إطلاق سراحه وحصوله على العفو في الوقت المفترض». دراسات من عمل طلاب جامعات! وفي ما يتعلق بقسم الدراسات والبحوث التابع للمديرية، أفصحت مصادر داخل أحد سجون منطقة الرياض عن فشل إدارة القسم في قياس نسبة العودة إلى الجريمة، واتهمتها بالتقصير في «عمل دراسات وأبحاث فعلية» لمعرفة الأسباب الرئيسة وراء قبوع السجين في السجن من جهة وتكراره ممارسة الجريمة بعد خروجه منه من جهة أخرى، ما أسهم في زيادة نسبة تردد المجرمين على السجن في ظل الافتقار لدراسات وإحصاءات دقيقة في هذا الشأن. وأكد مصدر آخر أن الدراسات والأبحاث المتوافرة داخل القسم «لا تتجاوز كونها أبحاث طلاب بعض الجامعات، عمدوا إلى إرسال نسخ منها إلى المديرية، في حين أن الأبحاث الأخرى لا تتعدى حشد بيانات السجناء الأولية وطبيعة قضاياهم فقط». وذكر مصدر ثالث: «لو كانت هناك دراسات تعمد إلى قياس مدى فعالية البرامج التي تطبق على السجين ومدى حاجته إلى غيرها لما تكررت زلّاته، لكن المعضلة تكمن في أن المديرية تعمل بالطريقة العشوائية ذاتها وتنتظر نتائج مختلفة». الأبحاث عن السجون غالباً لا تتعدى حشد بيانات السجناء وطبيعة قضاياهم.