تحتفل منظمة اليونسكو في باريس طوال اليوم الأربعاء ب «اليوم العالمي للغة العربية» بعد احتفال أول تم العام الماضي، عام إطلاق هذا اليوم، ونجح في طرح قضايا عدة ترتبط باللغة العربية، واقعاً وتحديات. هذا العام اختارت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) أن يدور المحور الرئيس حول «دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربية». ويشارك في الندوات التي تقام في مقر اليونسكو خبراء في حقل الإعلام واللغة وكتّاب وباحثون وديبلوماسيون. أما المحاور التي تدور حولها الجلسات فهي: هل ساهم الإعلام الفضائي في نشر اللغة العربية خارج حدود العالم العربي؟ ما هي الدوافع للنسخ العربية في الفضائيات الأجنبية؟ هل ساهم الإعلام الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعية، في إعادة الشباب العربي إلى لغته؟ هذه الأسئلة - المحاور تمثل قضايا شائكة لا بد من مناقشتها وطرح تصورات لها والبحث عن حلول ممكنة لها، وهي تعني المثقفين والنخب الثقافية، كما تعني العامة لا سيما المواطنين الذين بات الإعلام المرئي - المسموع جزءاً من حياتهم اليومية. ولعل طرح هذه القضايا في اليوم العالمي للغة العربية الذي تحتفل به مؤسسات كثيرة في العالم العربي والمهجر، سيكون له صداه بخاصة أن منظمة اليونسكو هي التي تتبناه. هذا اليوم اصبح مناسبة سنوية وتقليداً يستعيد خلاله المثقفون والكتاب وعلماء اللغة والإعلاميون مشاكل اللغة العربية التي تتفاقم عاماً تلو عام، على مستويات عدة، تربوياً وعلمياً وإعلامياً وشبابياً. ويكفي أن نتذكر على سبيل المثل أن اللغة العربية أضحت مادة يرسب فيها نحو 70 في المئة من تلامذة لبنان، وشكلت هذه الظاهرة قبل أشهر ما يشبه الفضيحة وأثارت سجالاً لم ينته حتى اليوم. لماذا لا تُقبل الأجيال العربية الجديدة على إتقان لغتها الأم؟ هذا السؤال يمكن طرحه في كل الدول العربية التي تتشابه أجيالها الشابة في همومها ومشكلاتها. وكانت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونسكو التي يرأسها السفير المندوب الدائم للسعودية لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس، قررت اعتماد اليوم العالمي للغة العربية كأحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة. وهذه بادرة مهمة جداً لا سيما إن تمكنت من شق طريقها عملياً متخطية الناحية النظرية. وكان المجلس التنفيذي لليونسكو قرر في دورته المئة والتسعين في تشرين الأول (أكتوبر) 2012 تكريس يوم الثامن عشر من كانون الأول(ديسمبر) يوماً عالمياً للغة العربية. وقامت اليونسكو العام الماضي بالاحتفال للمرة الأولى بهذا اليوم. وجاء اختيار 18 كانون الأول بصفته اليوم الذي أدرجت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها وللمنظمات الدولية المنضوية تحتها. أما خطة تنمية الثقافة العربية (أرابيا) التي أنشأتها اليونسكو عام 1999 فتهدف إلى توفير إطار يمكن فيه للبلدان العربية تنمية تراثها الثقافي، بحيث يصان الماضي مع التركيز خصوصاً على المستقبل، ويفتح أبواب العالم العربي على التأثيرات والتكنولوجيات الجديدة مع الحفاظ على سلامة التراث العربي. وكان الدريس، دعا المؤسسات والهيئات الثقافية والتعليمية والإعلامية في العالم العربي إلى حضّ منسوبيها للتحضير لهذه المناسبة بما يليق بمكانة اللغة العربية ومدلولاتها الحضارية.