سمو محافظ حفر الباطن يدشن مؤتمر حفر الباطن الدولي الصحة الريفية في نسخته الثانية    التقنية ونمو القطاع العقاري !    كاد «ترمب» أن يكون..!    مكالمة إيقاظ صينية عنيفة !    سوريا تبصر بعيون عربية..!    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    أمير جازان يُدشن مهرجان عسل جازان العاشر بمحافظة العيدابي    وزير المالية يرأس اجتماع الطاولة المستديرة السعودي - الألماني    أمير جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة العيدابي    الرئيس الألماني يصل إلى الرياض    الراجحي بطلا لثامن مرة    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    أمين الطائف يعتمد الخطة الرقابية والتشغيلية الموسمية لشهر رمضان    روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بشأن قصف كورسك    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية السودان لدى المملكة    "التعاون الإسلامي" ترحب ببيان اجتماع السداسية العربية التشاوري    هيئة الأدب والنشر والترجمة تدشّن مشاركتها في معرض نيودلهي للكتاب    36 مزاداً لبيع 334 عقاراً في 12 منطقة    شولتس: الرسوم الجمركية تقسم العالم    لجنة الانضباط تغرّم لاعب الهلال "الدوسري"    أمانة عسير تستكمل صيانة وسفلتة طريق التعاون بأبها    القيادة تعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس الأسبق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    قوافل مساعدات سعودية جديدة تصل غزة    أبريل المقبل.. انعقاد النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية HCI 2025    تعليم الطائف: تطبيق الاختبارات المركزية في المدارس الفصل الدراسي الثالث من العام الحالي    «الأمن البيئي»: ضبط 9 مواطنين لنقلهم حطباً محلياً بالقويعية    إعلاميون ل عكاظ: الهجن السعودية تخطف الأضواء عالمياً    وزارة الشؤون الإسلامية تختتم معرض القرآن الكريم    الفريدي وأبو الحسن يَتلقون التعَازي في إبراهيم    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء لجنة السلامة المرورية بالمنطقة    رئيس اتحاد التايكوندو: تطوير التحكيم أولوية لتعزيز مكانة اللعبة محليًا ودوليًا"    16 فبراير تكريم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة    رحيل محمد بن فهد.. إنسان ورجل دولة باقٍ بذاكرة الزمن    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    أمير جازان رعى حفل انطلاق الفعاليات المصاحبة للمعرض الدولي للبن السعودي 2025م    تجمع جازان الصحي يتميز في مبادرة المواساة ويحقق جائزة وزير الصحة في الرعاية الصحية الحديثة    مختص : متلازمة الرجل اللطيف عندما تصبح اللطافة عبئًا    تجديده مع برشلونة مُهدد.. الاتحاد لن يستسلم في صفقة دي يونغ    الشرع في السعودية.. أول زيارة دولية منذ سقوط نظام الأسد ومسار جديد لسوريا في الحضن العربي    7 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس"    لماذا تُعد الزيارات الدورية للطبيب خلال الحمل ضرورية لصحة الأم والجنين؟    التعليم تحدد قواعد السلوك والمواظبة للزي الوطني    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    تفسير الأحلام والمبشرات    حزين من الشتا    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأم بين الأسد والنعجة
نشر في الحياة يوم 17 - 12 - 2013

«سأل الرجل عبدالله بن عمر وهو يقول: «أمي عجوز لا تقوى على الحراك، وأصبحت أحملها إلى كل مكان، حتى إنها لتقضي حاجتها عليّ وأنا أحملها، لا تملك من أمرها شيئاً. أتراني قد أديت حقها؟»، فأجابه ابن عمر: «ولا بطلقة واحدة من ولادتك. وإن كنت تفعل هذا وتتمنى لها الموت حتى ترتاح أنت، فقد كنت تفعلها وأنت صغير وكانت تتمنى لك الحياة». وهذه هي الأم العطاء التي لا تملك أن تنفصل عن ابنها وفطرتها بعد أن ضمه رحمها. هذه الأم هي التي صارت منفية عن أرضها، لاجئة في أرض الأغراب أو قل في بحرهم. فلم تكد تصل اليابسة هاربة بقارب من تركيا إلى اليونان حتى استقبلها الشرطي اليوناني ورمى برضيعها في البحر. فلحقت وراءه لعلها تنقذه فابتلعهما الماء معاً بعد أن ضاقت عليهما الأرض بما رحبت. فإن كنت قليل الحظ في الاسم والكرسي والمال فلا أب لك في دنيا لا تقدّم لاعتبارات أقل. فإذا وصلك أن ألم المخاض لا يعدله عذاب، فاعلم أن فراق الابن هو أشد وطأة على الأم من كل آلام الحياة. ولا أتعس من أم تدفن ابنها! وقد فعلت أمهات العراق وسورية حتى انفطرت أكبادهن، ولا تزال تنفطر.
بول هنري وكان من علماء بلجيكا وأحد نوابها حضرت أمه جلسة لمجلس النواب، فبدأ خطابه كالآتي: «أمي، سيداتي سادتي....». والتاجر السعودي أحمد بن ثالبة من خميس مشيط فاجأ الحضور بوالدته المسنة بأعوامها السبعين وقد أتت لتقص شريط افتتاح أحد فروعه التجارية، ثم تعود أدراجها آمنة مطمئنة على ابنها وفلزة روحها. وهو التقدير المعنوي الذي سبقه افتتاح الأم لأول مشروع تجاري لابنها قبل 15 عاماً كما شريط اليوم. كأقل لمحة عرفان بالجميل لأم ضحت بغلاوة العمر، لتتفرغ لتربية صغارها بعد وفاة معيلهم وأبيهم. وبسببها تداولنا اسم ابنها. الأم التي ما أن تأتي زوجة الابن حتى تناصبها التحدي على قلب واهتمام ابنها. لا تعلم جهلاً منها وتسرّعاً أن علاقة زوجها بأمه لا يمكن أن تنافس أو تقارن بالعلاقات الإنسانية الأخرى أياً كانت. بل إن الزوجة لو فكرت بعيداً لرأت نفسها وهي تعيش الموقف بعينه مع زوجة ابنها في مُقْبلات السنين. ولكن الزوجة لن تعي ذلك ما لم تلد ويصبح ابنها في عمر الزواج.
فالأم هي ظل الابن ولا يفارقه طالما أن من في النور هو ابنها. فتدفعه وتشجعه وتنهره وترفعه، فإذا وصل إلى قمة جبله أعلن نصره وهي لا تزال في الظل تبارك له بدموعها. فمن للإنسان إن فقد ظله؟ ومن يدعو له إن غابت عن دنياه من تدعو له؟ وليتخيل القارئ مجرد تخيّل قاتم أن مكالمته مع أمه هي الأخيرة، أو أن الزيارة التي يشاهد فيها وجهها لن تمنحه الدنيا فرصة أخرى ليكررها لموته أو رحيلها. فكيف يحب أن يودعها بضمير مرتاح؟ وهذا بالضبط ما ينبغي أن يكون عليه شعور الابن تجاه أمه في كل مرة. أطال الله في عمر أمومة لم تشوّهها عاديات الأيام ومغرياتها.
أمّا في البرد القارس فلندعُ لأمهات الملاجئ وأبنائهن يموتون بين أيديهن من الجوع والمرض والصقيع ينخر في العظام في عالم غير مبالٍ إلا بالاقتتال على مكاسبه. ولا أفظع من شعور أم قلَّت حيلتها تجاه أبنائها. فتجري هنا وتهرول هناك لعل الله يمن بزمزم أخرى. وكلما وجدت بئرها دفنها المجرم بجزمته. ومن سراب إلى سراب. فآه من وجع أم لا يقدر عليه سوى من كان في مقام أمومتها. ومن تراه يكون غيرها؟ يقول الإلكسندر الكبير: «ليس خوفي من جيش من الأسود تقودهم نعجة، ولكن من نعاج يقودها أسد». فما ذنب الأم السورية في خيمتها إن ضاعت الأسود أو تشبّهت النعجة بأسد؟ ومتى انتظر البرد والفقر حتى يكبر الشبل ويصبح أسداً حقيقياً ويدافع عن أمه؟ ولن تجد رجلاً يقدِّر أمه ويمتهن أمهات غيره إلا أن تكون أمه ربته على الامتهان.
كاتبة سعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.