تمدد البساط الأبيض في اليوم الثالث للعاصفة الثلجية «اليكسا» (مصدرها روسيا) التي تضرب منطقة الشرق الأوسط، من أقصى شمال لبنان إلى أقصى جنوبه. وتفاوتت درجة احتمال اللبنانيين والنازحين السوريين والفلسطينيين، المنتشرين في مناطق البقاع والشمال، لوطأة البرد القارس (انخفضت الحرارة إلى ما دون الصفر في مناطق عدة) كل بحسب قدراته على التزود بوسائل التدفئة ووقودها في ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. ووقع ما كانت تتحسب له وزارات ومنظمات دولية، إذ سجلت حال وفاة طفل رضيع من النازحين السوريين أثناء نقله إلى المستشفى بواسطة سيارة جيب نتيجة البرد في بلدة أكروم العكارية. والطفل الضحية اسمه محمود رعد (3 أشهر)، وتسكن عائلته في غرفة في بلدة أكروم. وكان رئيس بلدية كفرتون في قضاء عكار حسن الأدرع وجه نداء عاجلاً إلى المسؤولين المعنيين لمساعدة أبناء قرى وبلدات جبل أكروم، واصفاً الوضع في تلك المنطقة ب «المأسوي بفعل آثار العاصفة الثلجية وموجة الصقيع والجليد التي ساهمت بعزلها عن بقية المناطق اللبنانية»، داعياً إلى «مدهم بكل ما هو ممكن لمساعدتهم على فتح الطرق والصمود في مواجهة موجة البرد والجليد». وأشار إلى «أن الكهرباء مقطوعة والمياه مجمدة في شبكات التوزيع ومخزون المحروقات لدى الأهالي نفد وكميات الحطب محدودة». وأعلن أن المنطقة «تستضيف مئات العائلات السورية التي تعاني أيضاً من واقع صعب وحياة أفرادها مهددة مع افتقار خيمهم والغرف التي يشغلونها إلى أي من مقومات السكن في ظل هذا الطقس العاصف والمثلج». ولفت رئيس البلدية إلى «أن أصحاب قطعان الماشية حاولوا نقل قطعانهم إلى أماكن أكثر دفئاً لكن الأمر تعذر عليهم، ما أدى إلى نفوق عدد من رؤوس الماعز». وناشد وزارة الزراعة العمل «على تأمين الأعلاف لهذه القطعان التي تشكل المصدر الأساسي لعيش قسم كبير من السكان في المنطقة». وكان معظم الطرق الجبلية انقطع إما بسبب الجليد وانعدام الرؤية وإما بسبب تراكم الثلوج عليها بشكل متواصل. وأدى تراكم الثلوج إلى تكسر أشجار وتحطم أكواخ وانهيار خيم لم تصمد تحت وطأة ثقل الثلج. وعملت وحدات الجيش اللبناني على إغاثة المواطنين العالقين بالثلوج والمتضررين في القرى والبلدات النائية، بنتيجة العاصفة الثلجية وخصوصاً في مناطق البقاع الأوسط والشمالي وبشري وأعالي كسروان وجرود عكار. وشملت هذه الأعمال إخلاء عشرات المواطنين المحاصرين بالثلوج وقطر سياراتهم إلى أماكن آمنة، وفتح العديد من الطرق بواسطة الآليات الهندسية العسكرية، وتوزيع مواد غذائية، كما قامت آليات من الجيش بنقل مساعدات مختلفة مقدمة من مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، لمصلحة عدد من مخيمات النازحين السوريين في منطقة البقاع. وتساقطت الثلوج في منطقتي النبطية وإقليم التفاح (جنوباً) وتسببت بقطع الطرق، وغطى الضباب الكثيف منطقة الإقليم. ووصلت درجات الحرارة في منطقة النبطية إلى ما دون الصفر.واصيب ثلاثة جنود من الكتيبة الاندونيسية العاملة في اطار قوات «يونيفيل»، بجروح نتيجة تدهور سيارتهم اثناء القيام بدورية على طريق كفركلا - العديسة جراء الامطار. يونيسيف» وأكدت منظمة «يونيسف» أمس، أنها «تكثف جهودها لإيصال المساعدات مع هبوب العاصفة الثلجية إلى أكثر من 110,000 طفل لاجئ سوري وعائلاتهم في لبنان يعيشون في ظروف حياتية تزداد صعوبتها في تجمعات سكنية غير رسمية بسبب نفاد وقود التدفئة وانهيار خيمهم المتداعية تحت ثقل الثلج المتساقط. وقالت ممثلة «يونيسف» في لبنان آنا- ماريا لاوريني إن «المنظمة تبذل بالتعاون مع شركائها، كل ما في وسعها لحماية العديد من العائلات اللبنانية الأكثر حرماناً والعائلات اللاجئة السورية من برد الشتاء. وهذه العاصفة ليست إلا بداية لفصل شتاء صعب، وخصوصاً لأولئك الذين يعيشون في مساكن لا تحميهم بشكل كاف من البرد والمطر». وإذ أشارت إلى أن «الأطفال الذين يناضلون بالفعل من أجل البقاء بصحة جيدة هم الذين يدفعون ثمن الظروف الباردة والرطبة»، لفتت إلى أن «خطورة إصابتهم بالتهابات الجهاز التنفسي الحاد تزداد ما يشكل خطراً حقيقياً على حياتهم». ولفتت إلى «أن المنظمة كانت احتاطت للعاصفة بإيصال، نهاية الأسبوع الماضي، خمسة آلاف رزمة ملابس دافئة للأطفال إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، مثل عرسال في شرق لبنان، ليصل مجموع ما تم توزيعه من رزم الملابس الشتوية حتى اليوم إلى 74,603 رزمة. وبنهاية الشهر المقبل سيصل المجموع إلى ما يزيد على 153 ألفاً. وأكدت «دعم يونيسف وزارة الصحة اللبنانية في توفير الأدوية الأساسية لعلاج التهابات الجهاز التنفسي وأمراض الإسهال. وتغطي هذه الإمدادات احتياجات 10,000 لاجئ في المواقع الأكثر حاجة». وكانت معظم المدارس الرسمية والخاصة في البلد أقفلت أبوابها لليوم الثالث. وتكررت مطالبة المواطنين ب «التقيد والالتزام بتعليمات وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي حفاظاً على سلامتهم، لجهة سلوك الطرق الجبلية خوفاً من حوادث الانزلاق».