اعتبر المتحاورون في الجلسة الافتتاحية ل «المنتدى العالمي لمجتمع المعرفة»، هجرة العقول السعودية إلى الخارج «قوة للمملكة، وتخدمها في المستقبل». فيما أكد رئيس مدينة «الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا» الدكتور محمد السويل، أنها لم تصل إلى مستوى «الظاهرة»، مشتكياً من أن «البيروقراطية وقلة الحوافز تدفع الباحثين السعوديين إلى التسرب إلى أماكن أخرى». كما شكا أيضاً من «سلم الرواتب المتعمدة من وزارة الخدمة في المدينة». وأبدى رئيس «أرامكو السعودية» كبير إدارييها التنفيذيين خالد الفالح، ثقته بأن «العقول السعودية التي تغادر إلى الخارج، مصيرها العودة إلى أرض الوطن، لارتباط السعودي العميق في هذه الأرض وأهلها. وستستفيد البلاد منه في النهاية ، بعد أن يكون متحصلاً لمعرفة لم يكن ليجدها لو بقي في المملكة». واتفق معه كل من نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد السبتي، ومدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد السلطان. وأشار الفالح، أمس، في انطلاق فعاليات «المنتدى العالمي لمجتمع المعرفة»، الذي تنظمه «أرامكو السعودية»، عبر ذراعها الثقافي «مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي» في الظهران، إلى أن «آثار مجتمع المعرفة اكتسحت الحياة المعاصرة. وأصبحت المعرفة المصدر الجديد للثروة في القرن ال21»، مستدركاً أن «مفهوم مجتمع المعرفة ما زال ناشئاً، ولا توجد «وصفة سحرية» يمكن تطبيقها في كل مكان، لتحقيق الانتقال إليه، إلا من خلال التفاعل والتكامل بين الأطراف الأساسية المعنية في مجتمع المعرفة واقتصادها». وأوضح رئيس «أرامكو»، أن «الحقبة الجديدة المقبلة التي ستدفع بنمو «أرامكو السعودية»، واقتصاد الوطن ورخاء العالم إلى الأمام، سترتكز على صنع المعرفة، عِوضاً عن استهلاكها فقط»، مضيفاً أن «الشركة تسعى لتعزيز قدرتها، بما يجعلها تنطلق بقوة المعرفة والابتكار، ما يزيد من إسهاماتها في تنمية الوطن في عصره المعرفي المقبل». وقدم الفالح أفكاراً حول الانتقال إلى مجتمع المعرفة، مستوحاة من تجربة شركته في إطارٍ «رباعي الأبعاد»، يقوم الأول على «التوسع في أعمال البحث والتطوير، والثاني زيادة تنمية رأس المال البشري، و الثالث تعزيز انتشار المعرفة والبنية التحتية المعلوماتية، والرابع تحفيز بيئة ريادة الأعمال». وعلى صعيد ريادة الأعمال، ذكر أنه تم «رصد نحو 750 مليون ريال لشركة «واعد» التابعة ل «أرامكو»، التي تستهدف خلال السنوات الخمس المقبلة، «دعم تأسيس 250 شركة صغيرة ومتوسطة، ذات جودة نوعية، من بينها شركات رأس المال الجريء». ويعد المنتدى الذي انطلق تحت شعار «بناء مجتمعات معرفية لتنمية بشرية مستدامة» الأول من نوعه في الشرق الأوسط لبحث واستكشاف مفهوم مجتمع المعرفة والاقتصاد، القائم على المعرفة من منظور وطني وإقليمي وعالمي لتعزيز بناء منظومة بيئية شاملة يمكنها تحقيق تطلع المملكة، بالانتقال إلى «مجتمع المعرفة»، وتحقيق رخاء على أسس الاستدامة خلال السنوات العشر المقبلة». بدوره، اعتبر مستشار وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور أسامة المنصوري، انعقاد المنتدى في المملكة في هذا الوقت، «هاماً جداً، لكون المملكة تشهد تحولات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وتتجاوب في ذلك مع التحولات الدولية نحو مجتمع المعرفة، إذ يولد هذا المجتمع المعرفة، وينشرها ويستثمرها لتحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة لمواطنيه بشكل مستدام». وذكر المنصوري، أن «المنتدى لبنة من لبنات التوعية بأهمية التحول نحو مجتمع المعرفة، الذي يعتبر بالنسبة للمملكة أمراً حتمياً، لضمان استدامة عملية التنمية، وبناء اقتصاد عصري منافس، ينطوي على محتوى معرفي أعلى، ويكون أقل اعتماداً على الموارد الطبيعية». وأشار إلى أن المملكة صعدت في مؤشر اقتصاد المعرفة، الصادر عن البنك الدولي، من المرتبة ال76 في العام 2000، إلى ال50 في العام الماضي، والمأمول هو تقدمها إلى مصاف أعلى. من جهته، أوضح الدكتور محمد السويل، في كلمته، أن «الابتكار يتحقق من خلال ثلاثة عناصر: الدولة والأكاديمية والصناعة. وهذا ما تقوم به «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية». وهو ما يجسد مفهوم مجتمع المعرفة، الذي نطمح له جميعاً». وذكر أن المدينة تضم «نحو 3 آلاف باحث وإداري، يشكل السعوديون منهم 96 في المئة، 12 في المئة من هذه النسبة باحثات سعوديات»، مؤكداً أن «فتح المجال للمرأة سيفتح الباب أمام إطلاق قدراتها وإمكاناتها».