أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني أن المجلس أثبت منذ إنشائه، أنه عامل استقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تمر بواحدة من أكثر فترات تاريخها صعوبة وتعقيداً، وأنه لعب أدواراً سياسية واقتصادية رائدة ساهمت في إحلال الأمن والسلم في المنطقة، في ظل أزمات معقدة، وتهديدات متلاحقة طوال الثلاثة عقود الماضية. وقال الأمين العام لمجلس التعاون خلال كلمته في مؤتمر حوار المنامة التي انطلقت فعالياته اليوم (السبت) في العاصمة البحرينية المنامة: "إن دور المجلس السياسي والاقتصادي تعزز إقليمياً ودولياً بسبب الثقل السياسي والاقتصادي لدوله، وتقارب مصالحها، وتشابه ظروفها، وتنسيقها المستمر في كل ما يحقق أمنها، وسلامة مواطنيها ورخائهم، ويدعم قضايا أشقائها العرب وتنميتهم، ويساهم في خير العالم أجمع أمنياً وثقافياً واقتصادياً. وأضاف أن دول مجلس التعاون تدرك حجم التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تواجه المنطقة. وأنها تمسكت في مقارباتها السياسية والأمنية، وتعاطيها السياسي الخارجي مع الدول الأخرى والقضايا التي تشهدها منطقة الخليج والشرق الأوسط، بمبادئ ثابتة، إذ تؤمن أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة يتطلب احترام قواعد القانون الدولي، ووحدة الدول وسيادتها واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والرفض التام لحل النزاعات السياسية بالقوة، ونبذ العنف بكل أشكاله والفوضى، وتبني الحلول السلمية والحوار الشامل لحل النزاعات، والدعوة إلى خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل. وأكد الزياني أن هذه المبادئ تمثل ركائز تتمسك بها دول المجلس دائماً، وتحترمها في سلوكها السياسي، كما تدعو الدول الأخرى إلى احترامها، لما في التمسك بها من فوائد كبيرة لأمن المنطقة وسلامتها. وأشار إلى أن دول المجلس تؤمن بمسؤولياتها تجاه تحقيق أمن جوارها الإقليمي واستقراره، وحفظ حقوق دوله، ودعم تنميتها وتطورها. وأنها عملت على تقديم العون والمساعدة لمن يحتاجها ويطلبها من الدول الشقيقة والصديقة، لتجاوز ظروفها الاقتصادية الصعبة، ودعم برامجها ومشاريعها التنموية. وأوضح الدكتور الزياني أن مجلس التعاون انتهج مفهوم الأمن الجماعي كمحور رئيس في عمله وتفاعلاته، إذ يعتبر المجلس أن أمن دوله كل لا يتجزأ، وأن أي اعتداء أو تهديد لإحداها، أو تدخل في شؤونها الداخلية، هو تهديد وإعتداء على الدول الأخرى، تقع مسؤولية مواجهته عليها جميعاً، ووجد مفهوم الأمن الجماعي أوضح تجسيداته في تحرير دولة الكويت من الإحتلال العراقي في عام 1991م، وفي الدعم المستمر لمطالب دولة الإمارات العربية المتحدة بإستعادة جزرها الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى من إيران، وفي تأمين المنشئات الحيوية في مملكة البحرين عام 2011م من قبل قوات درع الجزيرة، ضد التدخلات والتهديدات الخارجية، وذلك من خلال تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين دول المجلس عام 2000. وأشارت مواقف مجلس التعاون في هذه الظروف، بوضوح، إلى أن أمن دول المجلس وحقوقها، وسلامة مواطنيها ومكتسباتها وأراضيها تمثل خطوطاً حمراء لن تسمح دول المجلس مجتمعة لأحد بتجاوزها. فيما لفت الزياني إلى أن انتهاج دول مجلس التعاون لسياسات الحفاظ على الأمن الداخلي والإقليمي والدولي، لم يكن انحيازاً للركود على حساب التغيير الإيجابي. موضحاً بأن دول المجلس عملت على تدشين سياسات إصلاحية داخلية متدرجة على الأصعدة كافة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجعلت من مجتمعاتها مثالاً يشار إليه بالبنان في تحقيق مستويات متميزة من التنمية الشاملة، والتكيف مع المتغيرات والمستجدات، في منطقة شهدت نصيباً وافراً من العواصف السياسية والاضطرابات الأمنية. مضيفاً أن دول المجلس حرصت خلال عملية الإصلاح السياسي، والحوارات الوطنية الجارية فيها، على احترام التنوع، ونبذ العنف، وتكريس لغة الحوار الشامل، التي لا غنى عنها لإنهاء الأزمات، وبدء عملية الإصلاح، وتثبيت الاستقرار الداخلي، والاستمرار في عملية البناء والتنمية. كما سعت دول المجلس إلى خلق أجواء جوهرها التسامح والاعتدال والإصلاح والتطوير والتنمية في منطقة الخليج العربي، وفي أوساط الشعوب الخليجية، هدفها كان على الدوام الإرتقاء بالإنسان، واحترام كرامته، وحقه في حياة كريمة، من دون تمييز أو إقصاء. وأكد أن دول المجلس مستمرة في تطبيق مضامين مفهوم "الأمن الشامل"، باعتباره مفهوماً أوسع من المفهوم التقليدي للأمن الإقليمي، القائم على القدرة العسكرية. وأنها تعي جيدا أهمية تعزيز عملها الجماعي وتقويته في هذه الظروف الصعبة، وتكثيف العمل مع الأصدقاء، الذين تجمعنا بهم المصالح والثقة، ويشاركوننا قيم السلام والاستقرار والتنمية. وقال إن الدور المحوري الذي لعبته دول المجلس في الحفاظ على أسعار معتدلة للنفط ، تدعم نمو الاقتصاد العالمي، فضلاً عن ضمان تدفق إمداداته، يمثل شاهداً حياً وممتداً على تطبيقها لمفهوم الأمن الشامل كإطار عمل لسياساتها وليس مجرد شعار براق. وأشار إلى أن التنسيق المستمر بين دول مجلس التعاون، وانطلاق سياستها الخارجية من مبادئ واضحة وشفافة، أكسب مجلس التعاون ، كمنظومة إقليمية ، فعالية كبيرة جعلته أداة سياسية مهمة في تحقيق أمن دول المجلس وسلامتها، واستقرار وتنمية جوارها الإقليمي، ودعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، وخدمة القضايا الإنسانية العالمية. وفي ختام كلمته أوضح أن الجهود الكبيرة والفعالة التي تقوم بها الأجهزة الوطنية بالتنسيق والعمل مع الأجهزة المعنية في الدول الصديقة، تكتسب أهمية خاصة في مواجهة التحديات المستجدة، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتي تتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً مكثفاً.