لم تتوان إسرائيل أكبر حليف لنظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا الذي كان الرئيس السابق نيسلون مانديلا يناضل ضده، عن نعي الزعيم الراحل الذي توفي الليلة الماضية، رغم الانتقادات التي توجه إليها في الفترة الأخيرة بسبب مخطط "برافر" الذي وصف بأنه قانون "تمييز عنصري". نتانياهو وبيريز ينعيان مانديلا فعلى غرار المسؤولين السياسيين في العالم، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، بياناً وصف فيه الرئيس الجنوب افريقي السابق بأنه كان قدوة وزعيماً أخلاقياً، فيما رأى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، أنه غيّر مسار التاريخ. وقال نتنياهو إن الزعيم الإفريقي "كان إحدى الشخصيات التي شكلت قدوة في عصرنا، وكان الأب لشعبه ورجل يحمل حلماً.. ومحارباً من أجل الحرية ورفض العنف، وكان قدوة لأبناء شعبه خلال السنوات الطويلة التي قبع خلالها في السجن". وأضاف أن مانديلا "عمل من أجل رأب الصدع داخل المجتمع الجنوب أفريقي ونجح بشخصيته في منع تفجر الكراهية على خلفية عرقية، وسيُذكر كأب لجنوب أفريقيا الجديدة وكزعيم أخلاقي من الدرجة الأولى". ومن جانبه، قال بيريز إن "العالم فقد زعيماً ذا قامة هائلة، الذي غير مسار التاريخ، ونحن في حداد سوية مع جميع دول العالم ومواطني جنوب أفريقيا الذين فقدوا زعيماً عظيماً منح الإيحاء لشعب جنوب أفريقيا والعالم كله". وأضاف أن "مانديلا كان محارباً من أجل حقوق الإنسان وترك بصمة في الحرب ضد التمييز والعنصرية وكان مؤيداً متحمساً للديمقراطية". مخطط "برافر" لتهجير بدو النقب وجاء الموقف الإسرائيلي وسط اتهامات لإسرائيل بتنفيذ سياسة تمييز عنصري عبر مخطط "برافر" وهو قانون إسرائيلي أقرته الكنيست بالقراءة الأولى في 24 حزيران (يونيو) عام 2013 لتهجير سكان عشرات قرى البدو في النقب جنوب إسرائيل، وتجميعهم في ما يسمى "بلديات التركيز". وأثار المخطط موجات احتجاجات عارمة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة رفعت خلالها لافتات كتب عليها "برافر قانون تمييز عنصري لن يمر"، كما أثار انتقادات عالمية واسعة وشهدت مدن أوروبية وخصوصاً في بريطانيا تظاهرات ضده في وقت رفعت شخصيات بريطانية بارزة صوتها عالياً ضد المخطط عبر التوقيع على رسالة تضامن طالبت فيها الحكومة بالتحرك للضغط على إسرائيل لوقفه. وأثار ذلك قلق أوساط سياسية إسرائيلية أدرجتها في إطار "التحريض الفلسطيني" على إسرائيل في المحافل الدولية "بهدف إحراجها". اتهام إسرائيل بالتمييز العنصري وإسرائيل متهمة أصلاً من قبل الفلسطينيين وجهات دولية بتطبيق سياسة تمييز عنصري ضد الفلسطينيين حتى أن "محكمة راسل بشأن فلسطين"، وهي هيئة دولية مستقلة تأسست عام 2009 تضم حقوقيين وخبراء بالقانون الدولي، أصدرت في 2011 حكماً اتهمت فيه إسرائيل بأنها تطبق نظام فصل عنصرياً على الفلسطينيين واتهمتها باضطهاد الشعب الفلسطيني بشكل جماعي بما يعد "جريمة ضد الإنسانية". وأوضحت المحكمة أن "الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم العسكري الاستعماري في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة يخضعون لشكل أسوأ من الفصل العنصري. وفي جنوب افريقيا نفسها التي نعت إسرائيل رئيسها السابق مانديلا، قال سفيرها السابق في تل أبيب إسماعيل كوفاديا لصحيفة "دايلي تليغراف" في حزيران/يونيو الماضي مؤخراً إن تعامل إسرائيل مع البدو الفلسطينيين هو تفرقة عنصرية. وأثار كوفاديا الغضب في الأوساط السياسية الإسرائيلية بعد أن أعلن أنه رفض هدية قدمتها له الخارجية الإسرائيلية عند رحيله عام 2012 وهي زراعة عشرات الأشجار وتسميتها باسمه أراض تابعة لما يعرف ب"حديقة الدبلوماسيين" في صحراء النقب التي تمتد على مساحات صودرت من البدو الفلسطينيين في قرية العراقيب عام 2010. وقال للصحيفة البريطانية، إنه رفض الهدية لأن "هذه الأشجار كانت ستزرع في أرض مسروقة"، مشيراً إلى أنه شارك في مواجهة نظام التفرقة العنصرية في بلاده، لذلك لم يكن بإمكانه أبداً أن يوافق على ما رآه في إسرائيل إعادة إنتاج نفس النظام العنصري. وفي آب/أغسطس 2012، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفير جنوب أفريقيا لدى تل أبيب لتوضيح أسباب تطبيق مدينة بريتوريا، الجنوب أفريقية قراراً يقضي بوضع علامة خاصة لتمييز منتجات المستوطنات عن غيرها من المنتجات الإسرائيلية. وللمفارقة اعتبرت الخارجية الإسرائيلية القرار بأنه يتصف بالتمييز والعنصرية، وقالت إن "القرار يدل على أن جنوب أفريقيا رغم كل التغييرات الداخلية لا تزال دولة محكومة بمفاهيم التمييز العنصري".