رفضت الهند أمس تسوية تجرى مناقشتها في الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في جزيرة بالي الإندونيسية، ما يقلل احتمالات التوصل إلى اتفاق يهدف إلى تحريك المفاوضات المتوقفة منذ 12 عاماً حول تحرير المبادلات العالمية. وقال وزير التجارة الهندي أناند شارما في خطاب استمر ثلاث دقائق فقط: «إن البنود المتعلقة بفرض قيود (على دعم القطاع الزراعي) لا يمكن أن تقبل في شكلها الحالي»، معززاً بذلك مخاوف من أن التسوية المطروحة في الاجتماع الوزاري لن تسمح بدفع الهند إلى التراجع. وتطلب الهند التي تقود مجموعة ال33 للدول النامية تمكينها من زيادة دعم منتجاتها الزراعية من أجل مساعدة المزارعين وتأمين غذاء للأكثر فقراً بأسعار زهيدة. لكن هذا الأمر حدت منه بحزم منظمة التجارة العالمية معتبرة أنه من أشكال الإغراق. وتنوي الهند التي تواجه صعوبات مع اقتراب موعد الانتخابات الوطنية، تطبيق برنامج يهدف إلى وضع أسعار منخفضة مصطنعة للمواد الغذائية الأساسية لأكثر من 800 مليون فقير. واقترحت الولاياتالمتحدة التي تعارض بشدة هذا البرنامج، تسوية تقضي بتقديم «بند سلام» لأربعة أعوام ينص على عدم فرض عقوبات على الدول التي تتجاوز سقف الدعم من أجل برنامج للأمن الغذائي. لكن نيودلهي ومجموعة ال33 ترفض تحديد مهلة مسبقاً وتفضل أن يبقى هذا الاستثناء مطبقاً «حتى التوصل إلى حل دائم عبر المفاوضات»، كما قال الوزير الهندي. وأضاف شارما: «بالنسبة إلى الهند، الأمن الغذائي غير قابل للتفاوض»، مؤكداً أنه «القرار النهائي» لنيودلهي. وأثر رفض نيودلهي في محادثات بالي التي تحاول إحياء المفاوضات التي أطلقت في 2001 في الدوحة من أجل خفض الحواجز على الحدود وتحفيز الاقتصاد العالمي. وقال المفوض الأوروبي للتجارة كاريل دي غوشت: «أنا متفائل بطبيعتي لكنني اليوم أشعر ببعض الكآبة»، موجهاً اتهاماً صريحاً إلى «القنبلة» الهندية. وأكد بصراحة غير معهودة في هذا النوع من اللقاءات أن «التوصل إلى حل ليس مستحيلاً شرط أن تبرهن الهند عن المرونة اللازمة». وحذر المفوض الأوروبي من أن فشل بالي «سيهز أسس منظمة التجارة العالمية بحد ذاتها ويضع نظام قواعد منظمة التجارة العالمية تحت التنفس الاصطناعي». الموقف الأوروبي وإلى جانب انتهاء المنظمة كإطار للمفاوضات المتعددة الطرف حول فتح المبادلات، رأى دي غوشت أن فشلاً في بالي يمكن أن يهدد أهمية المنظمة كهيئة لتسوية النزاعات التجارية وهي وظيفة «مهمة جداً للاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة» خصوصاً. ويحاول الاجتماع الوزاري الذي يوصف في غالبية الأحيان بأنه «اجتماع الفرصة الأخيرة»، انتزاع اتفاق حول «حزمة بالي» التي تتعلق بعشرة في المئة على الأقل من الطموحات المعلنة في الدوحة: الزراعة ومساعدات التنمية وتسهيل المبادلات عبر خفض الإجراءات البيروقراطية على الحدود خصوصاً. لكن كثيرين يشككون في إمكانية أن يرى هذا الاتفاق النور، خصوصاً بعد فشل المفاوضات التمهيدية في جنيف للوصول إلى مسودة اتفاق كان يفترض أن يناقشها وزراء الدول ال159 الأعضاء في بالي. وقال وزير التجارة الأميركي مايكل فرومان: «إن الاتفاق الأول المتعدد الطرف في تاريخ منظمة التجارة العالمية في متناول اليد»، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة كانت «مرنة». وأردف: «قمنا من جهتنا بتسويات». وفي كواليس مركز المؤتمرات في منتجع نوسا دوا، أكد المسؤولون أن المفاوضات تتكثف، خصوصاً بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةوالهند. وقال شارما: «لم آتِ إلى هنا لأبرم اتفاقاً، بل جئت لحماية مصالح الفقراء». وافقت منظمة التجارة رسمياً على انضمام اليمن إليها بعد 13 عاماً من المفاوضات، لكن اليمن لن يكون العضو ال160 في المنظمة، إلا بعد موافقة برلمانه رسمياً على ذلك. مصر - السعودية وعلى هامش المحادثات دعا وزير التجارة والصناعة المصري منير فخري عبدالنور خلال لقائه وزير التجارة السعودي توفيق الربيعة، السعودية إلى إبرام اتفاق لمنع الازدواج الضريبي بين البلدين وإلى تفعيل الاتفاق الموقع بين الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات عن الجانب المصري وهيئة المواصفات والمقاييس عن الجانب السعودي والخاصة بشهادات المطابقة وعلامات الجودة في السلع الصناعية، إضافة إلى ضرورة إنجاز الاتفاق الخاص بالفحص قبل الشحن وإقامة معرض للمنتجات المصرية بجدة والرياض بهدف تنشيط التجارة بين البلدين. وتجمع أكثر من 500 متظاهر وناشط في ملعب ببالي احتجاجاً على المحادثات. وتتفاوت التقديرات الخاصة بالفائدة التي ستعود على الاقتصاد العالمي من اتفاق محتمل وبعضها مرتفع يصل إلى تريليون دولار. لكن الجماعات المناهضة لمنظمة التجارة العالمية لم تقتنع بذلك. وقال ناشطون إن الاتفاق لن يفيد الدول النامية.