تتأفف النساء عادة من الأعمال المنزلية لأسباب كثيرة قد يكون من بينها الملل والروتين والتعب والإجهاد وضيق الخلق... وربما لأسباب أخرى. لكن كل الدلائل والمعطيات تشير إلى أن الأعمال المنزلية تترك وقعاً طيباً على الجسم، فهي تحافظ على الرشاقة، وتعزز الحال الصحية، وتدفع شر الإصابة ببعض الأمراض القاتلة، خصوصاً السرطان. وحتى نبين وقع الأعمال المنزلية على الصحة نسوق الحقائق الآتية: الأعمال المنزلية تبعد شبح الكآبة والقلق، فقد أفادت دراسات أجريت حديثاً، بأن الأشغال المنزلية تطرد شبح الكآبة وتخلق نوعاً من الارتياح النفسي لدى القائمين بها. ووفق الباحثين، فإن 20 دقيقة كل أسبوع تكفي لتحسين الصحة النفسية وإثارة الرضا، بالتالي إبعاد شبح التعرض لمرض الكآبة، وأنه كلما زاد الوقت المخصص لها كان ذلك أفضل. وفي استطلاع سابق أجرته محطة «ديسكوفيري هوم آند هيلث» التلفزيونية المختصة في الشؤون الصحية في بريطانيا وشمل 2000 امراة تتراوح أعمارهن بين 18 و80 سنة، تبين أن معظم النساء يعتبرن الأعمال المنزلية علاجاً ضد القلق. وتوصي الطبيبة النفسية فيفين وولسك من جامعة نيويورك، باستخدام النشاطات المنزلية لعلاج الضيق والشعور بالإحباط. الأعمال المنزلية تقي من السرطان، فقد بينت دراسة أسترالية - صينية مشتركة أن الأعمال المنزلية الروتينية تقلل من فرص الإصابة بسرطان المبيض عند النساء، وأن هذه الفائدة تزداد كلما كان العمل شاقاً. وبالطبع، فإنه من الضروري المواظبة على الأعمال المنزلية لمدة ثلاث إلى أربع ساعات وبوتيرة شبه يومية تقريباً، وأنه لا فائدة ترجى منها في حال القيام بها لمرة واحدة في الأسبوع. على صعيد آخر أفادت دراسة بريطانية أجريت قبل فترة على أكثر من 200 ألف امرأة من تسعة بلدان أوروبية، بأن النساء اللواتي يقضين من 16 إلى 17 ساعة في الأسبوع للقيام بالأعمال المنزلية المعتادة، مثل الطبخ أو التنظيف، انخفضت فرصة إصابتهن بسرطان الثدي، وأن الأعمال المنزلية تحمي النساء من خطر الإصابة بسرطان الثدي أكثر من أية نشاطات أخرى، سواء قبل انقطاع الدورة الشهرية أو بعدها. وفي دراسة أخرى أجريت في بلدان أوروبية أظهرت النتائج أن احتمال الإصابة بسرطان بطانة الرحم يقل بنسبة 52 في المئة عند النساء اللواتي يمارسن العمل المنزلي، بينما تقل بنسبة 34 في المئة عند اللواتي يمارسن الرياضة. الأعمال المنزلية تقي من السمنة، إذ أظهرت دراسة أميركية طبية حديثة أن تقاعس المرأة عن إنجاز الأعمال المنزلية يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالبدانة. واعتمدت الدراسة الجديدة على مذكرات آلاف النساء العاملات وغير العاملات خارج المنزل، في الفترة الممتدة بين عامي 1965 و2010، وتبين أن النساء في فترة الستينات من القرن الماضي (1965) كن يقضين حوالى 26 ساعة أسبوعياً في تنفيذ الأعمال المنزلية. أما في 2010 فقد انخفضت هذه المدة إلى 13 ساعة في الأسبوع. أيضاً، كشفت الدراسة، بناء على عدد من المعطيات وإجراء بعض الحسابات، أن النساء في فترة الستينات من القرن الماضي كن يحرقن ما يعادل 360 سعرة حرارية يومياً أكثر من نساء اليوم. وإذا ما تم أخذ هذه الكمية في الاعتبار، فإننا نجد أنها تعادل ما يقارب الساعتين من المشي يومياً. إن اعتماد السيدات على الأدوات الكهربائية الحديثة، مثل الغسالة الكهربائية والمكنسة وغسالات الأطباق الكهربائية، إضافة إلى اعتماد البعض على الشغالات في المنزل، كل هذا قلل من الحركة والنشاط وساهم في إصابة الكثيرات بالسمنة وانتفاخ الكرش. الأعمال المنزلية تقي من مرض ألزهايمر، فقد وجدت دراسة قام بها باحثون من جامعة راش في شيكاغو، أن الأعمال المنزلية تساعد في شكل ملحوظ في التخفيف من خطر التعرض لمرض ألزهايمر حتى عند الأشخاص الذين قطعوا عمر 80 عاماً. ونظراً إلى الفوائد التي يمكن جنيها من القيام بالأعمال المنزلية، يوجه المختصون دعوة مفتوحة إلى السيدات للقيام بها. صحيح أن الأعمال المنزلية تشكل عبئاً ثقيلاً على سيدة البيت، لكن يتحتم عليها القيام بمثل هذه الأعمال بهدف الحصول على الرشاقة والمحافظة على الصحة، والابتعاد عن الخمول والكسل اللذين يعتبران من أسوأ ما يقوم به الإنسان في حياته. رب سائلة قد تقول: كيف؟ لا شك في أنه أصبح من الصعب في أيامنا هذه ممارسة أي نشاط حركي عند تأدية المهام المنزلية بسبب توافر الأجهزة التكنولوجية الحديثة، كالغسالة، وأجهزة الطهو الحديثة، والمكنسة الكهربائية، وماكينات التنظيف على البخار وغيرها، لكن يجب ابتكار حيل بسيطة للتغلب على ما آلت إليه الاختراعات المنزلية الحديثة، والقيام بالحركة والجهد والنشاط الفيزيائي بحيث تكون في مثابة تمارين رياضية شاملة لكل الجسم، ومن هذه الحيل: 1- إبعاد سلة الملابس عن طاولة الكي في أبعد نقطة ممكنة، بدلاً من وضعها إلى جانبها، وبذلك تضطر سيدة المنزل إلى المشي خطوات عدة في كل مرة لإحضار قطعة الملابس التي تريد كيها. 2- الإكثار من حركات الذهاب والإياب عند إنجاز أي عمل في المنزل، من مسح وتكنيس وتنظيف وطبخ وترتيب وغيرها، فهذه الحركات كفيلة بحرق المزيد من الدهون في الجسم، بالتالي صرف عدد لا بأس به من السعرات الحرارية. 3- العمل قدر المستطاع على تحريك اليدين والذراعين والوركين، والقيام بالمزيد من حركات الانحناء والانبساط واللف والدوران التي تنشّط العضلات ومفاصل الأطراف والعمود الفقري، وهذه كلها تساهم في الحفاظ على الحيوية واللياقة البدنية. 4- صعود السلالم في كل فرصة متاحة، وحبذا لو تم القيام ببعض تمارين الدفع والخفة من أجل حرق كمية أكبر من الطاقة. أخيراً، سيدتي، إذا كنت تعانين من السمنة، فحبذا لو أضفت بند الأعمال المنزلية إلى بنود برنامج خفض الوزن، لأنه، بكل بساطة، يساعد على حرق السعرات الحرارية وإنقاص الوزن. وإذا ما أخذنا بمبادرة حماية المستهلك في العاصمة الألمانية برلين فإن ممارسة كل عمل من الأعمال الآتية لمدة ربع ساعة تساهم في حرق عدد من السعرات: تنظيف المنزل: 30 سعرة حرارية. كي الملابس: 35 سعرة حرارية. طهو الطعام: 40 سعرة. تعليق الملابس: 50 سعرة. مسح الأرضيات: 60 سعرة. فرش الأسرّة: 70 سعرة. تنظيف النوافذ: 83 سعرة. أعمال الحديقة: 88 سعرة. صعود الدرج: 121 سعرة. قلق العمل وضغط الدم في دراسة أميركية أجريت على 100 شخص يزاولون مهناً مختلفة وجد المشرفون عليها أن ضغط الدم أعلى بكثير لدى الذين يضطلعون بأعباء المنزل منهم لدى الذين يتركون الأعمال المنزلية للآخرين من أفراد العائلة. وتشير نتائج الدراسة إلى أن العمل بحد ذاته ليس هو المشكلة بل التوتر العصبي الناجم عن التفكير في كيفية إنجازه. وكان عامل القلق الذي يرافق الأعمال المنزلية هو السبب الأقوى الذي يجعل أرقام ضغط الدم تقفز صعوداً. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم من أكبر الأخطار التي تهدد القلب، وكلما ازدادت أرقام الضغط ازداد الضرر الذي يلحق بجدران الشرايين. وتشير التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، إلى أن 50 في المئة من كل الأزمات القلبية والجلطات تنجم عن ارتفاع ضغط الدم. [email protected]