تشكو أحزاب إسلامية من الموالاة والمعارضة في مصر من «عزلة» فرضتها قيود السلطات على تحركات قياداتها، لا سيما في المساجد والمنظمات الأهلية، مع دخول الاستعدادات الحكومية للانتخابات التشريعية مراحلها الحاسمة. وتتجه أحزاب أسلامية محسوبة على المعارضة إلى الغياب عن المنافسة البرلمانية، إذ رهن حزب «مصر القوية» الذي يتزعمه القيادي السابق في «الإخوان» عبدالمنعم أبو الفتوح مشاركته بتعديل قانون تنظيم الانتخابات الذي يوسع من المنافسة بالنظام الفردي، وهو إجراء يبدو مستحيلاً. واتخذ حزب «الوسط» الذي كان ضمن «تحالف دعم الشرعية» بقيادة «الإخوان» قبل أن ينسحب منه، قراراً مماثلاً ل «مصر القوية»، لكنه يشكو أيضاً من استمرار سجن قياداته. وبعيداً من جماعة «الإخوان المسلمين» التي تصر على المضي في طريق المواجهة مع النظام الحاكم، يواجه حزب النور «السلفي» الذي أيد عزل الرئيس السابق محمد مرسي وساند الرئيس عبدالفتاح السيسي في حملته الانتخابية، دعاوى قضائية تُطالب بحله لقيامه «على أساس ديني»، سيتم الفصل فيها في منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل، أي قبل انطلاق التشريعيات. لكن «النور» يصر على خوض التشريعيات، وإن كان لن ينافس على كل المقاعد. وأعلنت غالبية الأحزاب رفضها في شدة التحالف مع حزب «النور» الذي وقف أمينه العام جلال مرة خلف السيسي وهو يعلن عزل مرسي، بالتزامن مع تجريد السلطات الحزب من أهم أسلحته، بقرارها ضم جميع المساجد إلى وزارة الأوقاف وحظر اعتلاء المنابر لغير الأزهريين. ويرفض نائب رئيس «النور» أشرف ثابت الاتهام بمخالفة الحزب الحظر الدستوري لقيام الأحزاب على أساس ديني، معتبراً أن هذه الاتهام «لا أساس له». وقال إن «النور تم إشهاره على قاعدة الإعلان الدستوري الذي تم العمل به في آذار (مارس) 2011، وكان يحظر أيضاً تأسيس أحزاب على أساس ديني... ليس هناك في أوراق الحزب ما يدل على أنه حزب ديني، وليس في ممارسة أعضاء الحزب أي أفعال من شأنها التحريض على فتنة طائفية أو انشقاق في المجتمع». ورأى أن «كون النور بمرجعية دينية يتفق مع نص المادة الثانية في الدستور، وكأن الحزب يطالب بتفعيل هذه المادة». ونفى أن يكون الحزب اتخذ منذ تأسيسه من المساجد مكاناً للترويج لنفسه، «كما أن هناك فصلاً إدارياً بين الحزب وجماعة الدعوة السلفية». لكنه شدد على «احترام أحكام القضاء الذي هو السلطة الوحيدة التي من حقها أن تقول إن الحزب يمكنه العمل أم لا». وكشف ل «الحياة» أنه «في حال قرر القضاء حل النور، سنشكل حزباً آخر يتلافى ملاحظة القضاء أو سنمارس حقنا في العمل السياسي كمستقلين»، مشدداً على أن قيادات الحزب «ليس وارداً لديها الصدام مع الدولة». وأوضح أن حزبه «أنهى إعداد قوائمه الانتخابية وإعلانها في شكل نهائي معلق إلى حين صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية». وكشف أن حزبه «اتخذ قراراً بتفريغ بعض الدوائر الانتخابية التي سيخوض الانتخابات فيها عدد من الشخصيات الوطنية نرى أن من حقها دخول البرلمان». وشكا ثابت من «حملات تستهدف الحزب قبل الانتخابات البرلمانية»، كما انتقد القانون الذي صدر أخيراً ويحظر اعتلاء المنابر لغير الأزهريين، معتبراً أنه «أثر على جهود مواجهة التطرف. لو أُعطيت لنا الفرصة لتوضيح دورنا في مكافحة التطرف سيظهر النشاط الكبير الذي نقوم به». وبدا أن حزب «مصر القوية» يتجه إلى عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ رهن الناطق باسمه أحمد إمام خوض أعضاء الحزب غمار المنافسة بتعديل قانون تنظيم التشريعيات. وأوضح ل «الحياة»: «لدينا اعتراضات على قانون التشريعيات وأرسلنا اعتراضنا إلى الرئاسة... مشاركتنا مرهونة بتعديل القانون وإتاحة المناخ الديموقراطي الذي يضمن منافسة حرة ونزيهة، وإذا لم يتوافر ذلك فلن نشارك في عملية ديكورية». واعتبر أن الحديث عن تشكيل تحالفات انتخابية «حبر على ورق وأمر في غاية الصعوبة على الأرض في ظل القانون الذي يعتمد على قوة الشخصيات في دوائرهم وليس على قاعدة البرامج الحزبية». وأعلن أمين الشباب في حزب «الوسط» أحمد ماهر أن حزبه الذي كان ضمن مكونات «تحالف ضمن الشرعية» الداعم لمرسي اتخذ قراراً بعدم المشاركة في التشريعيات. وقال: «لم يحدث جديد في موقفنا السابق الذي يرى أنه لا يمكن المشاركة، لا سيما مع قانون الانتخابات إضافة إلى كبت الحريات. ونحن كحزب لا تزال قيادتنا داخل السجون». ونفى أي ربط بين انسحاب حزبه من «تحالف دعم الشرعية» والمشاركة في التشريعيات. وقال: «كلها أمور عارية من الصحة واستنتاجات يروجها بعض الناس»، مشيراً إلى أن حزبه يركز على «استمرار الحوار مع قوى سياسية لتشكيل جبهة أوسع، إضافة إلى العمل على تطوير الحزب من الداخل من دون الاشتباك مع النظام الحالي في عملية سياسية غير متكافئة وغير نزيهة». إلى ذلك، حذر رئيس «نادي قضاة مصر» أحمد الزند من «خطورة أن تتسبب الخلافات والتناحر بين الأحزاب السياسية، وعدم التوافق في ما بينها، في تسرب وتسلل بعض عناصر الإرهاب إلى عضوية البرلمان المقبل»، مشيراً إلى أن «قيادات الأحزاب لم تتفق حتى الآن على الحد الأدنى الذي كان ينبغي عمله لمنع كوادر الإرهاب والعنف من الترشح، والمطالبة بتفعيل الدستور والقانون في مواجهة الأحزاب التي ما زالت قائمة على أساس ديني».