أصدر «مَركَز توثيق التُراث الحَضاري والطبيعي المصري»، أُسطوانة مُدمجة ثالثة ضمن سِلسِلَة «إسهامات الحَضارة العَرَبيّة والإسلامية في علم الكيمياء». وتستند السِلسِلَة إلى المخطوطات العلمية في «دار الكُتب المصريّة» التي تتعاون مع ال «يونيسكو» في نشر تلك السِلسِلَة. وأوضح مدير مَركَز توثيق التُراث في المَركَز الدكتور ياسر الشايب، أن المَركَز أصدر من قبل كتاباً في ثلاثة مجلدات بالعنوان نفسه، بالعَرَبيّة والإنكليزية والفرنسية. وأشار إلى أن الأُسطوانّة تعدّ استِكمالاً لذلك العمل، إذ تستعرض مجموعة مُختارة من المَخطوطات الكامِلة بعد رَقمَنتِها، وللأُسطوانّة واجهات استخدام باللغات الثلاث أيضاً. كما أنها تعرض سير أبرز العلماء العرب والمسلمين في الكيمياء مثل الكندي والبرقوقي والعراقي وجابر بن حيان وابن سينا وغيرهم. توضح الأُسطوانة نفسها تطوّر علم الكيمياء بقسميه النظري والتطبيقي على أيدي عُلماء الحَضارة الإسلامية باستخدام المنهج التجريبي. وكذلك تُبيّن أن العلماء المُسلمين تمكّنوا من اختراع مجموعة من الأجهزة والآلات التي تستخدم في العمليات الكيماوية المُختَلِفَة كالتطهير والتبخير والبلورة والتنقية والحلّ والتركيب والتقطير بالبخار وغيرها. أجهزة كأنها مُعاصِرَة من الأمثلة على تلك الأجهزة والأدوات، «المِخبار المُدَرّج» الذي اخترعه أبو الريحان البيروني في القرن الحادي عشر بهدف إيجاد النسبة بين وزن المادة في الهواء ووزن الماء المُزاح. واستخدمه في تعيين الوزن النوعي للمواد الصلبة (المعادن) بدِقّة تضاهي ما هو معروف الآن. واخترع البيروني أيضاً جهازاً لقياس انسيابيّة السوائل، وهو يُسمّى حاضراً ال «بكنوميتر» Pycnometer. وكذلك ابتكر ابن سينا في القرن ذاته، جهازاً لقياس درجة الحرارة ما يُسمّى حاضراً ال «ترمومتر» Thermometer. ونبغ العالِم عبدالرحمن الخازني في الموازين. واخترع ميزان الانزلاق الحديدي وميزان الاتزان الهدروستاتيكي في العام 1121. وتشير الأُسطوانة المُدمَجَة عينها إلى الكثير من إبداعات الكيماويين العرب في صناعة الصابون والعطور والألعاب الناريّة والصناعات العسكريّة، وصناعة السيراميك، وتقطير البترول وتكريره، واستخدام مادة برّاقَة من كبريتيد النحاس في تزيين المَخطوطات بدلاً من الذهب، وتحضير نوع خاص من الطلاء يقي الثياب من البلل ويمنع الصدأ عن المعادن، وصناعة نوع من الورق غير قابل للاحتراق، وغيرها. وتعتبر الكتب والأُسطوانة عملاً علميّاً وثائقيّاً متميّزاً يُضاف إلى جهود «مَركَز توثيق التُراث الحَضاري والطبيعي» المتواصلة في إبراز رصيد الحَضارة العَرَبيّة-الإسلامية، وتعريف العالم بمساهماتها العلميّة والتقنيّة، فضلاً عن أنه يُرشِد الباحثين في مجال المخطوطات الى كنوز التُراث الخفيّة، ما يتيح لهم مجالاً أرحب للدراسات المنهجية المُعمّقة.