يتنقل شاب بعربته التي يجرها حمار بين شوارع غزة لجمع أكوام من النفايات المتراكمة في الشوارع بدلاً من شاحنات القمامة في بلديات القطاع التي توقفت عن العمل بسبب عدم توافر الوقود اللازم لتشغيلها. واضطرت بلديات القطاع إلى الاستعانة بخدمات أصحاب عربات الحمير لتولي مهمة جمع القمامة بدلاً من الشاحنات المتوقفة. و بينما يجر محمود أبو جبل (55 عاماً) عربته في أحد أكثر شوارع مدينة غزة حيوية، يسارع ابنه علاء ذو العشرة أعوام بقدميه الحافيتين لجمع أكياس القمامة على طول الشارع وإلقائها على ظهر العربة. ويقول الرجل الذي لم تمنعه الشرطة كعادتها من السير وسط هذا الحي الراقي: «منذ أيام زاد علينا ضغط العمل بجمع النفايات. كنا في البداية نقوم بجمعها في محيط مستشفى الشفاء والآن نقوم بجمعها من أمام المنازل والمحلات لأن سيارات النقل توقفت». ويضيف، مشيراً إلى ابنه الذي كان منشغلاً بكنس الأرض، أن «ابني هنا يساعدني لأنني مريض»، مؤكداً أنه «لا بديل لدي من العمل لأطعم أبنائي ال12 والحمار» . ويتابع ساخراً: «لولا أزمة الوقود لما وجدنا فرصة عمل. سيدفعون لنا 700 شيكل لا تكفي لسد حاجاتنا، لكنها افضل من لا شيء». وفي القطاع تتراكم أكوام من النفايات بالقرب من حاويات القمامة بينما أعلنت وزارة الحكم المحلي والبلديات التابعة لحركة «حماس» التي تسيطر على القطاع الاحد عن توقف كافة شاحنات نقل النفايات العاملة في غزة لعدم توافر الوقود. و بدأت بدلاً من ذلك بالاعتماد على نحو 430 عربة تجرها الحمير والأحصنة لجمع القمامة. ويقوم قرابة خمسمئة عامل في ساعات الفجر بجمع القمامة في كافة المناطق ونقلها إلى حاويات كبيرة قبل نقلها إلى ساحات غير مؤهلة خصصتها البلديات كمكبات موقتة للنفايات. وقال محمد الفرا وزير البلديات في مؤتمر عقده قرب مكب نفايات بجانب ملعب اليرموك وسط المدينة «تم وقف كل شاحنات نقل النفايات التي تجمع 1700 طن نفايات يومياً من محافظات القطاع كافة. وقد ظهرت 10 مكبات عشوائية بين التجمعات السكانية، ما يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض». وأشار إلى أن حكومته «استقطعت جزءاً من رواتب الموظفين لتشغيل 430 عاملاً لجمع النفايات بواسطة عربات الحيوانات». وتحتاج البلديات إلى «150 ألف ليتر وقود شهرياً يصعب توفيرها» بعد تدمير مصر وإغلاقها مئات الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة ومصر التي أدت إلى اندلاع أزمة وقود في القطاع الفقير. من جهته، يقول عبد الرحيم أبو القمبز مدير عام الصحة والبيئة في بلدية مدينة غزة «نعيش أزمة صعبة وخطيرة جداً (...) مئات آلاف الأطنان من القمامة الآن في شوارع غزة والذباب يطير فوقها بشكل غير مسبوق». ويشرح أن بلديته كانت تعتمد على «70 شاحنة لجمع وترحيل القمامة ونقلها لمحطات معالجة النفايات الصلبة» ولكنها توقفت بسبب أزمة الوقود. وتابع أن الذين يقومون بالعمل «عمال يعملون بشكل جزئي مزودين ب250 عربة يجرها حمار أو حصان القمامة بتكلفة 70 ألف دولار شهرياً»، واصفاً ذلك «بالعبء الكبير». وكانت منظمات أهلية وحقوقية أعربت الأربعاء عن قلقها العميق من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بسبب تفاقم أزمة نقص الوقود التي «تمس بشكل خطير بالمصالح الحيوية كافة للسكان، بما في ذلك خدمات الصحة». وكانت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة توقفت أوائل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري بسبب نقص في الوقود . ويشكو سكان القطاع من انقطاع الخدمات، حيث تقول ريم أبو صافية، وهي المعلمة في مدرسة أساسية، إنها تمنع طلابها من الاقتراب من كومة قمامة في محيط مدرستها «خوفاً من إصابتهم بالأمراض». ويشير حمد البل (37 عاماً) وهو موظف في قسم النظافة في بلدية غزة يجمع بواسطة عربته التي يجرها حمار، القمامة في المناطق الهامشية في أطراف مدينة غزة، إلى أن أزمة توقف الشاحنات أجبرته على العمل وسط منطقة الزيتون شرق غزة التي يسكن فيها. ويشرح الشاب: «نبدأ جمع القمامة في الساعة 4 فجراً لننتهي قبل التاسعة صباحاً. وضعنا أصعب الآن، فنحن لم نتلق أي راتب منذ ثلاثة أشهر». ويطعم الشاب محمد الترامسة (21 عاماً) من مخيم الشاطئ، الحمار الذي يجر العربة بقايا خضروات من كيس القمامة بينما يلقي ما جمعه في حاوية كبيرة بجانب مدرسة تابعة لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، ويقول: «نحن نقبل بضغط العمل مهما كان صعباً حتى نتمكن من أن نعيش».